أقلام عربية

مشنقة الانتظار

 

إنِّي نَسَجتُ مِنَ الأَعماقِ قافِيتي
يا مَن خَسِرتُ عَلَى جَفنَيكِ مَعرَكَتي

يا أَوَّلَ الحُبِّ في قَلبي وآخِرَهُ
مِنكِ ابتَدأتُ وَفيكِ اليومَ خاتِمَتي

لَكَم عَشِقتُ حياةً أنتِ بَهجُتُها
لَكِنْ غَدوتِ لَهيباً فَوقَ مَحرَقَتي

أَنَا الـذي شَـيَّدَ الأَحلامَ أَبْنيَـةً
فَلا غَرابَةَ إِنْ دَمَّـرتِ مَملَكَتي

صَرحي تَهاوَى وَآمالي مُبَعثَرَةٌ
عَلَى طَريقِكِ في خَيباتِ مَعذِرَتي

نَعَم غَدوتُ حُطاماً كَيفَ أَجْمَعُهُ
وَقَد رَقَصتِ عَلَى أَشلاءِ بَعثَرَتي؟

أبُثُّ شَكوايَ والآفاقُ تَرفُضُها
والرَّجعُ مِن حَسْرَةٍ يَحنو عَلَى شَفَتي

يَنْتابُ صَمْتي نَحيبٌ كَيفَ أكتُمُهُ
وَلِلتَّشَظّي زَفيرٌ ثارَ في رِئَتي؟

الزَّيتُ دَمعيَ…والقِنديلُ مِن مُقَلي
يَمُدُّني وانكِسارُ الضّوءِ تَدفِئَتي

والليلُ يَسألُ عَنِ شَمسٍ تُدَثِّرُني
إذا أطَلَّتْ بِدِفْءٍ فَوقَ أقْبـيَتـي

لَكَم تَحَمَّلتُ حَتَّى فاضَ بي أَلَمٌ
يُجاوِزُ الصّبرَ أعواماً بِأَزمِنَتـي

وَما تَزَحزَحتُ فِتراً حينَ تَسْحَقُني
رَحَاكِ خَوفَاً كَأَنَّ الصُّبْحَ مِشنَقتي

فَطالَما أَنتِ..في النِّسيانِ لاهيَةٌ
أحياكِ نَبْضاً جَرَى ما بَينَ أورِدَتي

يا أصدَقَ الحُبِّ في قَلبي وأَكذَبَهُ
أَهدَيتِ ليَ المَوتَ في أَكفانِ عاطِفَتي

إِنْ يَذكُروا لي غَراماً خانَهُ قَدَرٌ
أتَى غَرامُكِ عُنواناً لِأَمثِلَتي

وَخالِق الكَونِ ما يَمَّمتُ ناحيَةً
إلّا وَكُنتِ بِها وَجهاً لِبَوصَلَتي

وَلا سَلَكتُ طَريقـاً ابتَغـي هَـرَباً
إلّا سَفَعتِ إلى الأشواقِ ناصِيَتي

ولا سَأَلتُ مَتَى ذِكراكِ تَرحَمُني
إلّا أَتَيتِ جَـوابـاً قَـبلَ أسئِلَـتـي

رِقّي لِحالي وَخافي اللهَ في دَنَفي
أَمْ أنَّ بُعدَ المَدَى أغراكِ سَيِّدَتي

إِنْ كانَ ذَنبي وِصالاً مِنْكِ أطلُبُهُ
فَمَنْ سِواكِ عَلَى كَفيهِ مَغفِرَتي؟

لَكَم هَمَمْتُ بِنَزعِ القَلبِ مُعتَقِـداً
أَنَّي سَأَنسَى وَأُنهي بِالهَوَى صِلَتي

وَما فَطِنتُ لِأَنَّ الحُبَّ قَد غُرِسَتْ
جُذورُهُ فاستَوَتْ سُوقاً لِمَعصِيَتي

وَهَكَـذا عِشـتُ لِلآلامِ مُرتَـهَـنـاً
لا المَوتُ يأَتي وَلا استَرجَعتُ عافِيَتي

جُودي بِوَصلٍ يُعِد لي الرُّوحَ ثانيَةً
أو اترُكيني أَعِشْ في البُعدِ آخِرَتي

✍🏻 د – عبدالله محمد الأمير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى