أقلام عربية

الطرح النفيس في يوم التأسيس

 

الرياض – فتحيه عبدالله

إن من علامات المواطنة الصالحة محبة الوطن، والافتخار به، والاعتزاز بتاريخه، والسعي في نهضته، والمحافظة على مقدراته ومكتسباته.
فالمواطنة بمفهومها العام هي الحب الغريزي للوطن، والدفاع عنه، وعن ولاة أمره، ومقدراته والتي تنبع من عقيدة وولاء، كيف وإذا كان الحديث عن أطهر البقاع، وأشرف الأصقاع، ومهوى عباد الله في أنحاء المعمورة.
إن هذه الوطن الشامخ بولاة أمره وما أنعم الله عليه بنعم وخصائص تفوق به عن غيره، وتجعل المحبة تعظم تجاهه بكل صدق، وولاء، ومحبة ووفاء، وقربة إلى رب الأرض والسماء فهي بلادنا الغالية، المملكة العربية السعودية التي ارتفع شأنها بتحكيم شرع الله والارتباط به، والنهل من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتطبيق التوحيد والدعوة إليه، ونبذ الشرك والبدع، وعمارة الحرمين الشريفين، والاهتمام بقاصديهما من الزوار والمعتمرين والحجاج، وطباعة المصحف الشريف ونشره، والعناية بالسنّة النبوية وتعلمها، ومناصرة قضايا الأمة الإسلامية ودعمها، وتطبيق العدل في جميع أعمالها.
كل هذا وأكثر في أطهر ثراء وأغلى وطن، فحدثني عن السعودية أحدثك عن خصائصها، وفضائلها، وما حباها الله من الخيرات والنعم.

إن الانتماء شعور صادق تجاه الوطن، وولاء بعقيدة مع ولاة أمره، وعمل لعمارته ونهضته، وافتخار بإنجازاته وأعماله، ومحافظة على ممتلكاته وثروته، واعتزاز بالجذور الراسخة لهذه الكيان العظيم، وارتباطاً ووفاءً بين الشعب والقيادة.
فمن أهم عناصر المواطنة الصالحة:
١- الولاء لهذا الوطن العظيم، بلد التوحيد والسنة، والوفاء له ولولاة أمره أعزهم الله، وتقديم مصلحته على المصالح الفردية، والوقوف ضد أعداءه، وناشري الشائعات ضده، وأن يكون هذا الولاء ناشئ من عقيدة وإيمان، وتفويض الأمور إلى ولاة الأمور، وطاعتهم بالمعروف، وفق مراد الله، ومحبة هذا الكيان الذي يعيش على أرضه وينعم بخيراته.
٢- الانتماء وهو الانتساب الحقيقي لهذا الوطن وولاة أمره، والاعتزاز به، وألا يكون هذا الانتساب صورياً، أو من أجل الدنيا، بل لابد أن يكون حقيقاً بتضحية، ووفاء، ونصيحة، وبناء.

ومن المواطنة الصالحة الافتخار بما نشاهده من انجازات وطنية، وأعمال متميزة، تظهر من هذا الكيان، وطن الرفعة والشموخ، والنهضة والتقدم، وما منّ به الله علينا في هذا الوطن العظيم بإنجازاته، وتضحيات ولاة أمره، وما ننعم به بعد توفيق الله من نعمة الأمن، والإيمان، ورغد العيش.

وانطلاقاً من الأمر الملكي ـ الكريم ـ القاضي بأن يكون يوم (٢٢) فبراير من كل عام يوماً لذكرى الدولة السعودية باسم يوم التأسيس، ليكون محطة من محطات الاعتزاز بهذه الدولة المباركة، وداعماً من دعائم الارتباط بهذا الوطن العظيم، وولاة أمره منذ عهد الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ قبل ثلاثة قرون في منتصف عام ١١٣٩هـ (١٧٢٧م) وقيام الدولة السعودية الأولى التي استمرت إلى عام ١٢٣٣هـ (١٨١٨م) وعاصمتها الدرعية، ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وما أرسته من الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت، وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها، إذ لم يمض سوى سبع سنوات على انتهائها، حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ عام ١٢٤٠هـ (١٨٢٤م) ، من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت الى عام ١٣٠٩هـ (١٨١٩م)، وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ـ رحمه الله ـ عام ١٣١٩هـ (١٩٠٢م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية.

وسار أبناءه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها، فكان هذا اليوم هو مناسبة وطنية للاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، واستذكار تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ منذ أكثر من ثلاثة قرون، وما تحقق من الوحدة والأمن والاستقرار، والاستمرار في البناء والتوحيد والتنمية.

فجاء يوم التأسيس حاملاً في رمزه العلم السعودي، والنخلة، والصقر، والخيل العربية، والسوق، خمسة عناصر جوهرية تعكس تناغماً تراثياً حياً، وانماطاً مستمرة، هي رموز شعار يوم التأسيس، استلهم خط الشعار من نمط الخط التاريخي الذي كتبت به إحدى المخطوطات التاريخية التي تؤرخ أحداث الدولة السعودية الأولى.

وكانت عاصمة التأسيس هي مدينة الدرعية والتي تقع في وسط الجزيرة العربية، وتحديداً في إقليم اليمامة، الذي يحتل مساحة كبيرة من الجزيرة العربية ويبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب ما يزيد على ١٠٠٠ كم، وعرضه ٥٠٠ كم، وتتوسطه سلسلة جبال طويق الشهيرة، وقد تأسست مدينة الدرعية عام ٨٥٠ هـ، ومؤسسها هو الأمير مانع بن ربيعه المريدي ـ رحمه الله ـ، الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ.

من بدينا أنعم ربي علينا وقامت الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ الذي ولد في الدرعية والتي كانت عاصمة الدولة السعودية الاولى، وقد عرف الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ بصفات عدة من أهمها التدين، وحب الخير، والشجاعة، والقدرة على التأثير، وكان حاكماً حكيماً وفياً، تربى في بيت عز وإمارة، وتعلم السياسة، وطرق التعامل مع الإمارات المجاورة، وكان من أبرز إنجازاته:
١- توحيد الدرعية تحت حكمه والإسهام في نشر الاستقرار.
٢- الاستقرار السياسي وعدم التبعية لأي نفوذ.
٣- الاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية.
٤- مناصرة الدعوة الإصلاحية وحمايتها.
٥- الحرص على الاستقرار الإقليمي.
٦- توحيد معظم منطقة نجد.
٧- بدء حملات التوحيد.
٨- تنظيم موارد الدولة.
٩- دعوة البلدات للانضمام إلى الدولة السعودية.
١٠ – بناء سور الدرعية للتصدي للهجمات الخارجية.
١١- بناء حي الطرفية بجانب غصيبة.
١٢- تأمين طرق الحج والعمرة.
١٣- التصدي لعدد من الحملات ضد الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى