أقلام عربية

حسنٌ لا يبْلى

 

للحُسنِ صور مختلفة في المفاهيم وعمق المعاني في القول والعمل ، في كثير من الاحيان لا يبدو لنا بنظرة عامة الفرق بين الحُسنُ والجمال ، ذكر بعض علماء التفسير واللغة أن : أن الجمال هو ما يشتهر ويرتفع به الإنسان من الإفعال والأخلاق ومن كثرة المال والجسم وليس هو من الحُسن في شيء ،ألا ترى يقال لك في هذا الأمر جمال ولا يقال لك فيه حسن وقد ذكر الجمال للابل والخيل في الآية :(ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ).والحسن في الأصل الصورة ثم استعمل في الأفعال والأخلاق والجمال في الأصل للأفعال والأخلاق والأحوال الظاهرة ثم استعمل في الصور.
وقد عرف الحُسن في المعجم العربي : كلُّ مُبْهجٍ مرغوبٍ فيه،وعرفه الجرجاني: (الحُسْن هو كون الشَّيء ملائمًا للطَّبع كالفرح، وكون الشَّيء صفة الكمال كالعِلْم، وكون الشَّيء متعلِّق بالمدح كالعبادات، وهو ما يكون متعلِّق المدح في العاجل والثَّواب في الآجل).
ومما لفت نظري في بستان معاني الحُسن : نبتة (ست الحُسن ): وهي نبات عشبيّ مُعَمَّر، يمتد إلى ارتفاع كبير، ويلتوي على الأشجار والجُدْران، أوراقه رقيقة ملساء، وله زهر حسن، وثمره أسودُ لامع، يزرع للزينة، وتستخرج منه مادّة الأتروبين المستعملة في الطبّ. فتأملتُ كيف جمعت الحسن بالاحسان .فكيف بحسن واحسان بني الانسان ؟!..
قال تعالى :(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ ٢
قررت الآية الحكمة من الوجود بمنهج الإحسان.وهو
المنهاج القويم الذي يجنى من ورائه الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ثم فهي تتسع لكل المعاملات بين الناس من صناعة وتجارة وتعليم وطب وغيرها من المعاملات، وقد وعد الله عز وجل المحسنين في كثير من الآيات بالجزاء الأوفي، لقوله تعالى 🙁 {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.. [يونس : 26].
فالحُسنُ والجمال يجتمع في جسد وصور الإحسان .
وهو حُسن لا يبلى ولا يهرم ، ولهذا الاحسان درجات اعلاها الاحسان بين العبد وربه باخلاص العبادة له كأنه يراه ، ثم الاحسان بين الناس وبني جنسهم من البشر لمن احسن ولمن اساء ايضا ، لقوله تعالى 🙁 وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) .
بل ويتعداه الاحسان الى الحيوان ، كما ورد في الوصية الشرعية في طريقة الذبح للماشية وفي قصة المرأة البغي التي سقت الكلب فكان احسانا جزاه الجنة .
فلنحسن لنزداد حُسنا في الدنيا و لنا الوعد بالحسنى في الآخرة و زيادة بالنظر لمن كمل الحسن في صفاته واسمائه سبحانه .
يقول ابن زنجي:لا تَحْقِرَنَّ مِن الإحسانِ محقرةً **
أحْسِنْ فعاقبةُ الإحسانِ حُسناه
بقلم / سحر الشيمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى