الأخبار المحلية

يوم التأسيس يوم التأريخ للتاريخ

الباحة إبراهيم العذلة

بقلم: د. نوف بنت بندر البنيان
يوم التأسيس مناسبة وطنية أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وتعزيزاً لارتباط مواطنيها الوثيق بها، وبقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود – رحمه الله- قبل ثلاثة قرون، وكان بداية تأسيس هذه الدولة في منتصف عام 1139ه/1727م ، وهذا التأريخ للتاريخ؛ ما هو إلا بداية لسلسلة من سنوات الكفاح، والجهاد المتواصل، بقيادة أشبال آل سعود جيلاً بعد جيل، فلا انفصال بين أدوار الدولة السعودية الثلاث، فدورها الثالث مكمل للثاني ودورها الثاني مكمل للأول، ودورها الأول مؤسس للأدوار الثلاث. ويعتبر يوم التأسيس نقطة تاريخية فاصلة، في تاريخ شبه الجزيرة العربية، التي كانت تعاني من التفكك السياسي، والشتات، وانعدام القيادة والوحدة والهدف. ففي هذا اليوم وعلى يد الإمام المحنك محمد بن سعود كانت الخطوة الأولى في مشروع جمع الشمل، وتوحيد الكلمة، وتأسيس الوطن. يوم يحمل أسمى معاني الألفة والمحبة والاحترام، فقد نجح الإمام في نقل الأعراب من جفاء البداوة إلى لين الحضارة، الأمر الذي لم يحققه أي نظام في التاريخ الحديث حينها.
إن الصرح الحضاري الذي بناه الإمام محمد بن سعود -رحمه الله – لا ينفك عن مفهوم الحضارة الإسلامية؛ فقد اختزلها الإمام محمد بن سعود، في محورين رئيسيين: القيمة والإنسان، فلا حضارة بدون قيم، ولا حضارة بدون إنسانية، وكلتا الصفتين منبعثتان من الدين الإسلامي، وعلى هذا الأساس بنى الإمام محمد بن سعود رؤيته لإقامة دولة، على منهج الدين الحنيف، من أجل حفظ القيم التي ضاعت قبل قيام دولته” الدولة السعودية الأولى”، فكان قيام الدولة السعودية الأولى، قيام دولة إسلامية يغار حكامها على دينهم، دولة تمتلك درجة كبيرة من صفاء العقيدة ووضوح الهدف.
وعلى اعتبار أن التاريخ فهم الماضي لتفسير الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، كانت ذكرى يوم التأسيس السبيل لذلك، من أجل أن نفهم، ويفهم الجيل الجديد أن هذه الدولة لم تأت من فراغ، ولم يكن الطريق لتأسيسها سهل؛ فالمراحل التاريخية التي مرت بها من التأسيس إلى النمو والازدهار والنهضة، مراحل لابد أن تحضى بالتوثيق اللائق في الأذهان والعقول، لارتباطها الفعلي بانتمائنا الوطني، وتعزيز الثقة بقادتنا العظماء. ومن ناحية أخرى؛ فإن استشعارنا نحن المواطنون السعوديون بمسؤوليتنا تجاه تاريخ وطننا أمر واجب، نحاكي فيه ما ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، الذين شاركوا في بناء الدولة؛ وهذا بدوره يؤدي إلى المحافظة على كيانها وحفظ تاريخها؛ عن أقلام وأفهام العابثين، وإن استحضار يوم التأسيس يجعلنا ندرك مكانتنا العالمية منذ القدم، وأصالة هذه البلاد، للتعامل مع الواقع وبناء المستقبل، ونؤكد على أن المملكة العربية السعودية دولة قائدة ورائدة، وهذا منذ اللحظة الأولى لتأسيسها، وكل ذلك دافعاً لأبناء الوطن، للتقدم والعطاء والبذل في سبيل نماء بلادهم وازدهارها، ونستشهد هنا برد الملك عبد العزيز -رحمه الله- على أمين الريحاني؛ عندما قرأ عليه بيتا من الشعر يقول فيه:
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثلما فعلوا
فرد الملك عبد العزيز:” نحن نبني – يا أستاذ- كما كانت أوائلنا تبني، ونفعل إن شاء الله- فوق ما فعلوا.
واليوم الجميع يرى المملكة العربية السعودية على قمة تاريخ العالم، فمن أراد أن يتعرف على هذا الصرح العظيم، عليه أولاً معرفة تاريخ تأسيسه، وجذوره العميقة منذ ثلاث قرون، دامت بلادنا عزيزة شامخة، وتاريخها حاضراً في قلوبنا وأذهاننا، على مر التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى