أقلام عربية

من يؤتمن على العرض لا يسأل على مال

قال تعالى( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)
اصبحت العنوسة مشكلة تؤرقك المئات بل الالاف بمجتمعنا بالمملكة العربية السعودية, فلا يكاد يخلو بيت من وجود شاب أو فتاة بلغت سن الزواج وتجاوزته ولم تتزوج, ومن العادات القبيحة التي تتسبب في استفحال وانتشار ظاهرة العنوسة بمجتمعنا تلك الأعراف القبلية والفروقات العنصرية والعصبية فبعض الناس يشترط في الزوج أن يكون من قبيلة فلان أو من آل فلان ويشددون في هذا الأمر على حساب عنوسة أبنائهم وبناتهم ولا يراعون إيمان المرء وتقواه وصلاحه وإنما يراعون نسبه واسمه, ويزيد على ذلك المبالغة في المهور والبذخ في تكاليف الزواج.
كيف لشاب في مقتبل شبابه وحياته أن يقوم بتلبية رغبات ومطالب لا تكاد تنتهي حتى تبدأ إذا فكر لحظة في إكمال نصف دينه؟ فالأب يضع شروط تعجيزية لمن يتقدم لأبنته طالباً الحلال وكأن أبنته سلعة تباع وتشترى ولعلني اذكركم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.
إنها مشكلة حقيقية استفحلت بمجتمعنا, فالمغالاة في طلب المهور العالية واعتبارها رمزا للمكانة الاجتماعية للفتاة وعائلتها، إضافة إلى المبالغة والمباهاة في المظاهر الاجتماعية ذات الكلفة الاقتصادية المرتفعة تعد احد أكبر معوقات الإقدام على الزواج.
إن تأخر زواج الفتاة ودخولها مرحلة العنوسة يؤثر بما لا يدعي مجالاً للشك على توافقها الاجتماعي والنفسي حيث يسود لديها الرؤية السلبية للذات وانخفاض تقدير الذات و ضعف الشعور بالرضا و صعوبة التوافق والتواصل مع الآخرين.
إن ما اردته بمقالي هو تقليل الأعباء وعدم المبالغة في طلب المهور حتى يتسنى للفتيات والشباب إكمال نصف دينهم بالزواج, كما أن تلك المظاهر الكاذبة التي نراها بحفلات الزفاف لا تعود بالنفع شيئاً بل تجد الكثير والكثير يستدين من هنا ومن هناك حتى يظهر بشكل يرفع من قيمته بين الناس ويصبح حديثاً لغيره, وبالأخير هو من أمسك جمرة النار بيده, فهو مطالب برد وسداد ما استدانه من غيره فقط ليصبح محط أنظار الغير ليوم واحد ألا وهو يوم الزفاف, فأي مرحلة من التدني قد وصل بنا الحال.
يا ابناء بنو وطني, علينا أن نتخلى عن بعض العادات والمغالاة ونتساهل لمن يأتي إلينا طالباً حلال الله وشرعه فالزواج ليس صفقة تجارية لا بد أن تخرج منها رابحاً, بل مودة ورحمة كما علمتنا الشريعة الاسلامية, ودعونا نسأل انفسنا, ماذا يريد والد الفتاة غير شاب يتقي الله في أبنته ويحافظ عليها ويكون لها سنداً حين تميل الدنيا عليها؟ حفظ الله المملكة وشعبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى