الأخبار المحلية

مدراء لكن أغبياء!

 

🍀محمد البلادي

▪️من أشهر أعمال الممثل «عادل إمام» فيلم عنوانه: (أذكياء لكن أغبياء)، وتتمحور قصة الفيلم حول شخصين يتوهَّمان أن باستطاعتهما خداع الجميع طوال الوقت، ليخرج الفيلم بنتيجة مفادها أن أكثر الناس غباءً هم مَن لا يُقدّرون ذكاء الآخرين، أو من يعتقدون أنهم أذكى من غيرهم.. وهؤلاء سيظهرون حتماً في النهاية بمظهر الأغبياء مهما كانت درجة ذكائهم.

▪️ من المؤسف القول إن الإدارة هي أوضح مجال يظهر فيه هؤلاء (المتذاكون الأغبياء)، ويتكاثرون فيه.. ففي الوقت الذي تجتهد فيه العديد من المنظمات والمؤسسات لاستقطاب موظفين على درجة عالية من الكفاءة والذكاء؛ مفترضةً أنهم سيُحقِّقون نتائج كبيرة، تنسى هذه المنظمات -في أحيانٍ كثيرة- اختيار القائد المناسب لهم، لتُفَاجأ بأن هذه المواهب قد أخفقت؛ وخفت إبداعها، أو فقدت كفاءتها، والسبب أن (الذكاء الجمعي) لأي فريق لا يعتمد على ذكاء أفراده وحسب، بل يقوم أيضاً وبشكل كبير على قدرة رئيس الفريق على تقدير إمكانات الأعضاء، وتفهّم آرائهم، والتنبؤ أيضاً بسلوكياتهم، وتوظيف كل ذلك في مسار يصب في مصلحة العمل.

▪️في جامعة (ييل) أثبتت دراسة أن فرق العمل التي تعمل في مجموعات منظمة، يُصحّح أعضاؤها آراء بعضهم، وبالتالي يتحسَّن أداء كل الأعضاء، ويطلق على هذه العملية اسم «حكمة الحشود»، إذ يسهم التفاعل المنظم في رفع كفاءتهم جميعاً.. لكن هذا التفاعل يفقد كل قيمته لو اصطدم بحاجز الرئيس (الغبي) الذي لا يسمح لهذا التدفق بالسريان بشكلٍ طبيعي ومثمر، حين يقف له بالمرصاد لأتفه الأسباب الروتينية والبيروقراطية، وأحياناً الشخصية!.

▪️اللافت أيضاً -بحسب الدراسة- أن بعض الفرق يتحسَّن أداؤها بشكلٍ أكبر من فرق أخرى، والسبب هو تفاوت ذكاء رؤسائها، حيث ترتفع نسب الذكاء الجمعي لفرق العمل بارتفاع ذكاء رؤسائها، وقدرتهم على تفهّم العاملين معهم، وهذا يعني أنه يمكننا ببساطة تحسين الذكاء الجمعي لأي منظمة من خلال تغيير القيادات الغبية بأخرى أكثر ذكاء.

▪️لعلك الآن قد تذكرت (إدارة) ما؛ تحتاج لتحسين نسب الذكاء الجمعي، لأن مديرها أو أحد النافذين فيها أهدر الكثير من ثرواتها بمحاربته للأذكياء، الذين تسرَّب معظمهم، وتبقَّى الأتباع والمُتبلِّدون فقط.. أو لعلك استعدت صورة قديمة لزميل متحمس فقد شغفه، وولائه المؤسسي؛ متحولاً لشخص مهمل وغير منضبط بسبب اصطدامه إما بمدير (ظالم) لم يعطه حقوقه، أو بآخر (غبي) أحرق موهبته، لأنه يفتقد لأبسط درجات (الحساسية الاجتماعية) التي تعني في القاموس الإداري قدرة القائد على قراءة مشاعر العاملين وآرائهم الصامتة، وهي قمة سنام الذكاء الإداري، ومن أقوى مميزات القادة الفعّالون، الذين يُدركون أن مهمتهم الأعظم هي بناء موارد بشرية ذكية وخلاقة، ويتفهمون حاجات العاملين معهم دون حديث، تحاشياً لظهور (التنافس المسموم) بين العاملين، لأنهم يُدركون أنه يؤدي حتماً إلى انفراط العقد، لذا يحرصون دوماً على أن تكون المميزات والمكافآت والترقيات مسبّبة ومبنية على معايير شفافة وعادلة، بعيداً عن الهبات الخاصة أو الشللية، وتبعية الموظف.

▪️بقي أن نقول إن الغرور والجهل والخوف هي أكبر أسباب فشل بعض الرؤساء في تقدير إمكانات وذكاءات الآخرين، الأمر الذي يضعف قدراتهم ويجعلهم (أغبياء) في نظر الجميع، حتى لو كانوا يُعدّون أنفسهم من (الأذكياء).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى