الأخبار المحلية

ماكرون.. يعلق الجرس

 

بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود

تلفح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعباءة نابليون بونابرت، مؤسس الجمهورية الفرنسية الأولى، التي تعد أول جمهورية في أوروبا قاطبة. وتوكأ على عصا شارل ديغول، الأب الروحي للجمهورية الفرنسية الخامسة، التي تعد ثالث أطول نظام سياسي في فرنسا بعد النظام القديم، وما تزال تشكل أساس الحكم الجمهوري في فرنسا حتى اليوم..

أقول تلفح ماكرون عباءة نابليون وتوكأ على عصا ديغول، ليس ليصدم الفرنسيين وحدهم فحسب، بل ليصدم العالم كله، لاسيما أوروبا وأمريكا، بخطاب ضافٍ، جاء بعنوان (فرنسا، أوروبا وأمريكا).. كان خطاباً مباشراً عميقاً، كالجراح الماهر الذي يجري جراحة دقيقة لعلاج حالة مستعصية. فاشتمل على مفاهيم مهمة عديدة أبرزها:

* الاعتراف بسيطرة الغرب بقيادة الدبلوماسية الفرنسية، الصناعة البريطانية والحرب الأمريكية على العالم لثلاثة قرون؛ وبالتالي هيمنة الغرب المطلقة على اقتصاد العالم وسياسته.

* الاعتراف بنجاح الصين وروسيا على حساب أوروبا وأمريكا نتيجة أخطائهما.

* الاعتراف بأهمية الخيال السياسي، وتفوق الدول الناشئة فيه على حساب الغرب.

* اختطاف أمريكا لأوروبا منذ زمن طويل، لافتقار الأخيرة لجيش خاص بها، يتم تأسيسه بالاعتماد على أموالها.

* الحاجة إلى ترسيخ الثقة وتعزيز الأمن الخاص بأوروبا.

* ضرورة التحلي بقلب شجاع وتفكير خيالي تقوده روح فرنسا المقاومة العنيدة، لتحقيق عالم مختلف، حتى لا تتلاشى الحضارة، فتتلاشى أوروبا، ومن ثم تختفي معها لحظة الهيمنة الغربية على العالم. وهنا يرى ماكرون ضرورة الاهتمام بالفلسفة الخاصة والثقافة الوطنية الخاصة.

وعليه، ينادي بضرورة انتشار قيم فرنسا في جميع أنحاء العالم، ويرى أن الهيمنة الغربية إلى زوال.

أقول، من يقرأ خطاب ماكرون بتأمل شديد، يرى كأن كثيراً مما جاء فيه مستقىً من برامج رؤيتنا الطموحة الذكية (2030) التي هندسها أخي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهدنا القوي بالله الأمين، نائب رئيس محلس الوزراء ووزير الدفاع، حفظه الله ورعاه، وسدد على طريق الخير خطاه.

فقد اشتملت برامجها على أهداف عديدة طموحة تتجاوز حتى جراحة ماكرون الدقيقة هذه:

* الحديث عن استغلال الثروات، والنظر إلى الشعب، لاسيما الشباب، أنه أهم ثروة وأعظمها على الاطلاق.

* الترحيب بالكفاءات من كل مكان.

* أهم مرتكزات الرؤية: العمق العربي والإسلامي، القوة الاستثمارية وأهمية الموقع الجغرافي الإستراتيجي.

* التعاون والشراكة في تحمل المسؤولية.

* المحافظة على الهوية الوطنية، وإبرازها والتعريف بها، وتوريثها للأجيال القادمة من خلال غرس المبادئ والقيم الوطنية والعناية باللغة العربية والمتاحف… إلخ.

* دعم الموهبين من الكتاب والمؤلفين والمخرجين.

* الدخول في شراكات طويلة الامد مع الدول الشقيقة والصديقة.

* دعم القطاع الخاص، لتوفير مستوى معيشي أفضل للطبقة الوسطى.

* الاهتمام بالبنية التحتية الرقمية.

*الاندماج في المحيط الخليجي، ودعم العمل الخليجي المشترك.

وبالجملة: من يقرأ خطاب ماكرون بعناية، ويتأمل برامج رؤيتنا الطموحة الذكية (2030)، يبدو له كأن ماكرون استقى خطابه هذا منها. فمثلما يرى هو أن فرنسا تقود العمل في أوروبا، كذلك تفعل السعودية التي تقود اليوم العمل الإسلامي، الخليجي والعربي لمصلحة الجميع، إضافة لعملها بكل ما أوتيت من قوة وسعة حيلة للإرتقاء بمستوى حياة مواطنيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى