أقلام عربية

قصة شرف…..

 

كتبه / دلال القحطاني

تقول كنت أركن سيارتي في موقفها المعتاد أمام أحد الفنادق التي أحب ارتيادها لهدوءها وبُعدها عن ضجيج الكوفيهات المعتاد ، وعند نزولي من سيارتي بعد أن بلغ مني الحزن مبلغه وبعد أن بكيت لمدة طويلة وأنا أسير في حزام أبها دون أن أحدد وجهتي لمجرد السير فقط بل ربما للهروب من الواقع الذي أجهدتني بعض تفاصيله ، وإذ بصاحب سيارة فارهة ينزل من عربته وبيده مشلح رماه على ساعده كصاحب سمو ، ثم رفع صوته مقبلاً علي وكأن المكان مكانه ثم رحب بي ترحيبة الصاحب لصاحبه بلا حياء ودون أن أعرفه أو حتى أنظر إليه .
معاكسةً من الوزن الثقيل اعتقد فيها أني سأرد عليه بنفس حرارة ترحيبه السخيف ، لم يُراعِ من أنا أو من أن يرانا أحد في هذا الموقف الغير لائق ثم لم يراع أيضاً ماهي حالتي النفسية التي أمر بها ومن أكون .
التزمت الصمت وسرت في طريقي متسلحة بحشمتي وثباتي ، انتظرني حتى اقتربت منه ثم سار خلفي وسلّم علي فلم أرد عليه سلامه الغير شريف تعجباً من جرأته ووقاحته .
ثم غضب من صمتي وتجاهلي له وقال بصوت جبان لو رددتي علي السلام لضبّطتك وزانت أمورك ، ثم تقدم أمامي بكل عنجهية ولسان حاله يقول ما أنت إلا امرأة بلا قيمة ولن أسير خلفك وأنا صاحب الجاه والمال والمكانة الرفيعة .
وعندما دخل الفندق إذ بالحراس في صف يستقبلونه بحرارة (حياك الله يا طويل العمر تفضل ) .
فازدادت عنجهيته وغروره مبتسماً ابتسامة المنتصر لا أعلم على ماذا هل على حيائي وحشمتي أم على حزني ووحدتي الغير مبررة في هذا المكان أم على مجهولة شامخة لا يعرف عنها شيء .
لا أعلم من هي التي ستبتسم له وتسير بجانبه دون أن تعرفه حتى ، فقط لأن معه مال أو جاه أو سيارة فارهة لم تكن تعرف ماهي أصلاً لجهلها بها وعدم اهتمامها بهذه الشكليات التي لا قيمة لها عندها في الأساس .

ثم تساءلت وأنا كاتبة القصة هل من الممكن أن تبيع الحُرة نفسها لمثل هذه النوعية من الرجال وهل تجرؤه عليها بهذه الطريقة هو موقف أعتاد على فعله ووجد فيه القبول من الطرف الآخر .
كانت الحسنة الوحيدة له أنه انتشل تفكيرها بضعفها إلى قوتها ومن انهزامها الى مواجهتها لكل مغريات الحياة مهما كانت بفكر واعٍ لا يتقهقر مهما كان ما يقابله ومن يقابلها ،
كان لسان حاله يقول انظري من أكون وانظري ماذا فاتك مني بتجاهلك لي ثم اندبي خسارتك الفادحة بهذا التفريط الجاهل ،
وما علم أن رجال الكون ماهم إلا عبور في طرقات عينيها لا مقر لهم ولامسكن فيهما فضلاً عن استقبالهم في مضياف قلبها .
فكل مافيها بانتظار صاحبها الغائب الحاضر ، ومكانه في علو كيانها مازال ينتظره بلهفة شوق لا تُعرف بدايته من نهايته .

في نهاية مقالي العابر أوجه كلمةً عميقة لكل من يسترخص كرامته ومكانته إنما أنت حيث ما تضع نفسك فلا تسقطها عمداً وجهلاً في أي مستنقعٍ تمرّ به فتخسر خسارة لا يمكنك الرجوع عنها .

كتبته
دلال القحطاني🖋

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى