أقلام عربية

عِشْق

محمد الرياني

في عينيه زرقتان ساحرتان، اقتربتْ من أبيها وقالت له: انتظر… انتظر ، حرَّكَ رأسَه يمينًا ويسارًا لينظرَ حوله، قالت له : افتحْهما أكثر ، اقتربتْ وطلبتْ منه أن يفتحَ عينيه زيادة ، سألتْه عن لونِهما ، حكَّ رأسَه، قال لها : أتذكَّرُ أنَّ موظفَ الأحوالِ المدنيةِ كتبَها في سجلِاتهم :لونُ العينين عسليتان، في ذلكَ اليومِ فرحتُ فرحًا شديدًا بهذه التسميةِ أكثرَ من حصولي على دفترِ الأحوالِ المدنية ، قالت له : لا يا أبي ، لونُ عينيكَ أكثرُ سحرًا ودهشة، التقطتْ لهما صورةً بهاتفِها الجديدِ لتثبتَ له لونَهما وجلستْ إلى جوارِه، ناقشتْه! هل هاتانِ الساحرتانِ عسليتان؟ انظرْ إلى هذه الزُّرقةِ الرائعة، إنهما بلونِ البحر ، ليتَ عينيَّ أخذتْ من بعضِ هذه الزُّرقةِ عندكَ ؟ قامَ ليتأكدَ بنفسِه من أوراقهِ القديمة، وجدَ ورقةً بالأبيضِ والأسودِ قد طُمستْ بعضُ معالمها، قرأَ الجزءَ الذي كُتبتْ فيه الأوصافُ والعلاماتُ الفارقة، لونُ العينينِ عسليتان، عادَ إلى ابنتِه ليخبرَها، نظرَ في المرآةِ ليرى اللونَ الأزرق، تساءل! هل لي جذورٌ من أصحابِ العيونِ الزرقاء؟ نظرَ في عينيْ أمِّه وتفحصها جيِّدًا ، قال لابنتِه هنا السرُّ ياصغيرتي ، الزرقةُ جاءتْ من هنا وهو يشيرُ إلى أمِّه الكبيرةِ ، الآن أنا في العقدِ الخامسِ ولم أفطنْ إلى زُرقةِ البحرِ في عيني ، اكتفيتُ بلونِ العسل ، ضحكتْ من أبيها وانصرفتْ نحوَ محلِّ قريبٍ للعدساتِ اللاصقة فاشترت اثنتين بلونِ عينيْ أبيها وعادت إليه، وضعتْ عينيها في عينيه ثمَّ نظرتْ إلى المرآةِ القريبةِ ولم تقتنعْ باللونِ المستعار ، سرعانَ ما نزعتْهما وهي تتأملُ جمالَ عينيْ أبيها، لم يُفكرْ في كلامِ ابنتِه ، ظلَّ يفكرُ في كلامِ تلكَ التي أرسلتْ إليه يومًا تسألُه عن سِحرِ عينيه ، اكتشفَ متأخرًا أنَّ لديْه عينينِ تشبهُ عينيْ أمِّه ، نظرَ بابتسامةٍ في وجهِ ابنتِه التي اكتشفتْه بعد زمن وقال لها : إنَّكِ تحملينَ أجملَ حدقتينِ في العالمِ؛ لكنَّ هناكَ من عَشقَتْ عينيَّ قبلكِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى