الأخبار المحلية

صرخة ضمير ..

 

بقلم الكاتبة:فنون صالح المبارك ..

هذا الصوت الذي في داخلك يهمس لك : هذا حلال وهذا حرام إيّاك أن تفقده ..!

لازال استحضر في بالي حينما قرأت قصة ( الكأس الأولى )التي يكون بطلها عبدالمؤمن أفندي وهي واحدة من اروّع ما يقرأ القارئ للكاتب الرائِع( علي الطنطاوي )رحمه الله حينما قصّ على القارئ قصة الشريف عبدالمؤمن أفندي الذّي حلّ عليه الفقر وتكالبت عليه مصاريف الأبناء وتراكمت عليه في وحدته الافكار البائِسه وهو مُناوباً تلك الليلة في مخفر ( الكسوة ) ليحرسه من المهربين والفارين من (الجمرك) فإذا بِه في تلك الليلة تمر سيارة تحمل اشياء غير قانونية وكعادة السيد عبد المؤمن يقوم بواجبه ويتقن العمل الذي وّوكل إليه فلا يُمرّر حراماً او أمراً غير قانوني ولا تدخُل ايضا في فمه أو في افواه عائلته لقمة عيش حرام ،ولكن في تِلك الساعة التي رأى فيها ذلك السائِق الذي كان يُقنع ويحاوّل فيه ان يجعله يُمر وسيعطيه بالمُقابل هديه تغنيه عن هذا المرتب فيزجرُه عبد المؤمن لوقاحة اقتراحه ثم مايلبث دون اكتراث لزجر الافندي ويُخبره أنَ داخل الهدية مبلغ مالي ولأول مرّة على الإطلاق في حياة عبد المؤمن يبدو ليس كما عليه فعلِمَ الرجُل بِما ظهر له من ردة فعل من عبد المؤمن واصبح شيطان الإنس يُغريه بأن يُعطيه زياده من عنده فوق المبلغ المالي الذي سيصبح له ،
هُنا بدأت نفس عبدالمؤمن أفندي تُسهّل له الأمر وتذّكره بعجزَه وضيق ذات يدِه وبينما يسمع لنفسه فإذا بضميره الحيّ يصرخ أن لا يفعل ولا يدّنس نفسه بِها و تقاطعه نفسه الخبيثة بإصرار ان يوافق ويساعد بها اهله ،
وتِلك المُحادثات والمشاورات التي داخله لا تبقى على حال واحد تتناقل وتدور بشكل شديد السُرعة ..
وفي لحظة وكانت من أشّد اللحظات على السيد أفندي ..
أخذ المال ومرّر السائِق ..
ثُم واخيراً استيقظ عبدالمؤمن من غفلته وتنبهت في نفسه عواطف الخير التي كان يملكها دفعة واحدة، ونظَر إلى نفسه نظرة مُزدرية حقيرة، وتمنى لو استطاع أن يلحق الرجل فيردها إليه، فرأى نفسه القديمة الفقيرة كيف كان حالها جميلاً وأحب ذلك الفقر الشريف، واستحال ما كان يجد من السخط عليه رغبة فيه وشوقاً إليه،وصار يفّكر كيف سيلقى اهله وصحبه وهو بِهذا الحال ! وظنّ انهم سيرونه ملطّخ في شؤم ذنبه ..! ثُم أقبل يُخبى المال المدّنس وهو في خشية ان يُفتضح من أمرِه ..
وللقصة نهاية..
لكِن إلى هُنا أردت اقتص من هذه القصة الإحساس التي وُصِفَ لنا ودِقة الذنب السيئ الذي يعتري الإنسان حينما يشرب من كأس الخطيئة ..!
فأردت بدوري ان أصِف مشاعر تُلك الحادثة بتصوير مُشابه قليلاً لها :-

صرخ ضميرهُ الحي ناقِداٍ فِعلتِه ..
فَرّدت امّارة السوء تُدافِع عن سقطتِه !
وأقبل يُهدئ سخطَ ذنبه وروعتِه ..
ولبِث يُنافي مُضاد حالَ حُجتِه ..
يُأجج عُذره بغُلبى في حالِنا وعلّتِه ..
أو أينَ قول الحق واين ماهيّتِه !
اليسَ ربك يراك فإينك من فلتتِه ؟
فعُد إلى الله ياصاح وارجو رحمتِه ..
ورُد مظلمة لِمظلومٍ لِتأمنَ دعوتِه…
وتحذر مُطالبتِه حَسنةٍ بغيرِ مشقّتِه ..
وابشر فَمن تاب عن ذنبٍ تُقبل توبتِه ..
فالتائِب عن الذنب كمن لاذنبَ له ..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى