الأخبار المحلية

هل يواجه رواد صناديق التحوط نهاية العصر الذهبي؟

عندما كان كين جريفين طالبا في جامعة هارفارد، كان لديه طبق استقبال الأقمار الاصطناعية مثبت على سطح غرفة سكنه حتى يتمكن من تداول السندات القابلة للتحويل، حيث وضع الأسس لإطلاق صندوق سيتاديل للتحوط الخاص به في 1990.
لكن لم يدرك جريفين إمكانات صندوق سيتاديل إلا بعد الانهيار البارز لصندوق التحوط لونج تيرم كابيتال مانجمنت في نهاية ذلك العقد، كما يتذكر في مقابلة. ويقول إنه عندما كانت أحوال الأسواق المالية “منقلبة رأسا على عقب”، تجنب صندوق سيتاديل الخسائر وانتهز الفرصة لكسب المال.
“لقد فتح هذا عددا كبيرا من الأبواب من حيث قدرتنا على جذب المواهب ورأس المال على حد سواء”.
كان صندوق سيتاديل من بين الصناديق الأولى التي تسمى الصناديق متعددة المديرين. وفي العام الماضي، أصبح مديرا لأنجح صناديق التحوط على الإطلاق، وفقا لشركة إل سي إتش إنفستمنت، التي تصنف الشركات على أساس مكاسبها بالدولار صافية من الرسوم طوال حياتها. جاء ذلك في أعقاب تحقيق أرباح قياسية بلغت 16 مليار دولار لصندوق سيتاديل في 2022، وهو انتعاش كبير من الأزمة المالية 2008 عندما كان قريبا من الانهيار.
يوضح صعود الشركة، التي تدير الآن 62 مليار دولار، صعود نموذج المديرين المتعددين. وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية خصوصا، برز هذا المجال بوصفه الركن الأسرع نموا والأكثر ربحية في صناعة صناديق التحوط العالمية.
لكن النموذج يواجه لحظة حساب. وذلك نظرا إلى أنه يواجه تحديات ناجمة عن القيود المفروضة على القدرات، بما في ذلك حرب المواهب الشرسة والمكلفة بشكل متزايد. وقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة العوائد الخالية من المخاطر المتاحة للمستثمرين، ما جعل تحقيق الأداء المتفوق أكثر صعوبة ورفع تكلفة الاقتراض.
بدأ المستثمرون أيضا التشكيك في الرسوم المرتفعة التي تفرضها الصناديق متعددة المديرين ومطالبها بحجز النقد لأعوام. فقد أشار تقرير حديث صادر عن بنك جولدمان ساكس، الذي أجرى مقابلات مع 340 مستثمرا يمثلون أصولا تزيد على تريليون دولار، إلى زيادة طفيفة في أولئك الذين يتطلعون إلى تقليل تعرضهم للمنصات متعددة المديرين. وكان من بين الأسباب المذكورة “النمو السريع الأخير، وتحديات القدرات والأداء الأكثر ضعفا”.
كما أن ثقلها المتنامي يضعها تحت التدقيق التنظيمي. حيث دعا جاري جينسلر رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية،
إلى إجراء تحليل أوثق للمخاطر المحتملة التي تشكلها صناديق التحوط على الاستقرار المالي في أعقاب الاضطرابات التي شهدتها السندات الحكومية الأمريكية في مارس، وهي سوق تلعب فيها المنصات متعددة المديرين دورا كبيرا.
قال أحد كبار المستثمرين، “لقد أصبحت هذه الاستراتيجية شائعة للغاية وهناك قدر هائل من المديونية (لدرجة أن) تفكيك الاستراتيجيات المتعددة من المرجح أن يشبه “زلزال 2007 الكمي”. خلال تلك الحادثة، واجه عدد من صناديق التحوط الكمية خسائر كبيرة وأدى البيع الجماعي لمراكزها إلى اضطراب الأسواق.
كما كافح الأداء حتى الآن في 2023 لمواكبة الأعوام القليلة الماضية، ويعترف جريفين بأن فترة النجاح لا يمكن أن تستمر إلى الأبد. يقول، “القصص التي تدور حول الأسواق تكون دائما قصصا عن دورات واستراتيجيات تأتي وتذهب فيما يتعلق بالشعبية”.
“من الواضح الآن أن مديري الاستراتيجيات المتعددة أصبحوا رائجين إلى حد كبير. من المرجح أنه عندما تكون في قمة شعبيتك تكون في قمة الدورة”.

صعود “الاستراتيجيات المتعددة”

الجيل الأول من صناديق التحوط، التي يديرها مديرون نجوم مثل جورج سوروس، وجوليان روبرتسون، وبول تيودور جونز، حققوا أرباحهم وشهرتهم عبر رهانات كبيرة مبنية على استراتيجيات معينة.
وفي المقابل، يعتمد نموذج المديرين المتعددين على متداولين متخصصين، تشرف عليهم تكنولوجيا متطورة لإدارة المخاطر، ونهج لا يرحم في التوظيف والطرد من قبل الجهات التي تدفع أجورهم.
ومن بين رواد هذا الهيكل جريفين وإزي إنجلاندر، مؤسس شركة ميلينيوم مانجمنت التي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار. تم إطلاق كلتا الشركتين منذ أكثر من ثلاثة عقود وما زالت تمثل نحو خمسي الأصول التي تديرها المنصات متعددة المديرين.
جاءت أسماء في أعقابهم مثل شركة بالياسني لإدارة الأصول التي يملكها دميتري بالياسني والتي تبلغ قيمتها 21 مليار دولار، وشركة بوينت 72 لإدارة الأصول التي يملكها ستيفن كوهين، التي تدير 30.8 مليار دولار، وشركة شونفيلد للاستشارات الاستراتيجية التي تبلغ قيمتها 13 مليار دولار. مع أن المصطلحات تستخدم في الأغلب بشكل تبادلي، فإن الصناديق متعددة المديرين – حيث يميل المديرون الأفراد إلى امتلاك حسابات الربح والخسارة الخاصة بهم – تشكل مجموعة فرعية من الصناعة متعددة الاستراتيجيات، حيث يتم تجميع التكاليف والعوائد عبر استراتيجية التداول. وفقا لبيانات شركة إيفيستمنت، فإن الصناديق متعددة الاستراتيجيات تدير نحو 670 مليار دولار.
لا يوجد سوى نحو 40 من هذه المنصات متعددة المديرين على مستوى عالمي، وفقا لتقديرات من الوسطاء الرئيسين، نحو 300 مليار دولار أو 8 في المائة من إجمالي أربعة تريليونات دولار خاضعة للإدارة في صناعة صناديق التحوط. لكنها تتجاوز قدراتها، بدءا من 2022، يقدر بنك جولدمان أن المديرين المتعددين سيمثلون 27 في المائة من إجمالي حيازات صناعة صناديق التحوط في الأسهم الأمريكية، ارتفاعا من 14 في المائة منذ 2014.
قال التقرير إنهم يستخدمون مبالغ كبيرة من الاقتراض لتضخيم مراكزهم وتضخيم العوائد، بمتوسط يزيد على خمسة أضعاف أصولهم، وأكثر بكثير على شكل دخل ثابت. ولهذا فإن حضورهم المتغير يخلف تأثيرا غير متناسب في الأسواق المالية العالمية.
منذ الأزمة المالية العالمية، هذا الركن من صناعة صناديق التحوط كان من بين المستفيدين الرئيسين من قاعدة فولكر، التي تقيد البنوك من تداول الأصول الخطرة على مسؤوليتها الخاصة. وقد أدى ذلك إلى تحويل مثل هذا النوع من المخاطرة إلى أجزاء أقل تنظيما من النظام المالي.
إن تعهد المنصات بتقديم عوائد قوية معدلة حسب المخاطر مع تقلبات منخفضة، بغض النظر عن الاتجاه الذي تتأرجح فيه السوق، لاقى صدى لدى عملاء مثل صناديق التقاعد وصناديق الثروة السيادية.
اكتسبت مسيرة هذه المنصات مزيدا من الزخم في الأعوام الخمسة الماضية. إذ يقدر بنك جولدمان ساكس أنه بين 2018 و2022، زادت أصول المنصات متعددة المديرين 150 في المائة، بينما نمت بقية صناعة صناديق التحوط 13 في المائة فقط.

“متلازمة جروتشو ماركس”

إنه نموذج أعجب به كثيرون، لكن القليل منهم تمكن من محاكاته بنجاح، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الحاجة إلى الأداء المتفوق المستمر لتغطية تكاليف التشغيل الكبيرة والمتزايدة. ويقول بول بريتون، الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط كابستون إنفستمنت أدفيزورز الذي تبلغ قيمته 12 مليار دولار، بقوله، “لا يتسع العالم سوى لعدد محدد من الصناديق الكبرى القوية (ألفا)”، في إشارة إلى المصطلحات الصناعية التي تشير إلى الأداء المتفوق. “لا يتم إنشاء صناديق كبرى قوية جديدة بالسرعة نفسها، وهذا يعني سباق تسلح استثماري لكل من المواهب والتكنولوجيا”.
على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، أدى ارتفاع التكاليف واللوائح التنظيمية الأكثر صرامة إلى جعل إطلاق صندوق تحوط أقل جاذبية، ما سمح للمنصات متعددة المديرين بتوظيف مديرين كان من الممكن أن ينجحوا في مشاريع مغامرة وحدهم ذات يوم.
إن العرض المقدم لهم بسيط، ستركز على الاستثمار، بينما تعتني المنصة بكل شيء آخر بدءا من العمليات إلى التسويق. والعرض الموجه للعملاء المحتملين هو أنه بفضل قدرتهم على تحويل الأموال برشاقة بين استراتيجيات التداول المختلفة، يمكن للصناديق متعددة المديرين تحقيق عوائد قوية بتقلبات منخفضة مع التحكم في المخاطر بعناية.
تتنوع المجموعات في جوهر النهج الذي تتبعه، لكنها توظف عادة ما بين عشرات ومئات من المجازفين المستقلين والمتخصصين للغاية في فرق.
شبه أحد المخضرمين في هذه الصناعة هذه المؤسسات بالمستشفيات المتخصصة، “يريدون منك أن تكون جراح عظام يعالج الركبة اليسرى فقط. ولديهم شخص مختلف لمعالجة الركبة اليمنى”.
يتنافس المتداولون على رأس المال المخصص مركزيا. إذا كان أداؤك أقل من المطلوب، فمن المرجح أن يتم تخفيض مخصصاتك أو قد تواجه “مقعد طرد كمي” – وهي كلمة عامية في الصناعة تعني أن يتم طردك من العمل. يحصل أصحاب الأداء المتفوق على مزيد من الأصول لإدارتها والمدفوعات بحدود 15 إلى 22 في المائة من مكاسبهم، وفقا للمشاركين في السوق. إنها عملية قاسية قائمة على الجدارة، وقد أطلق عليها البعض اسم “مفرمة اللحم” (عملية مدمرة).
إن كثافة العمالة في صناديق التحوط متعددة المديرين تعني أنها تمثل ربع إجمالي عدد الموظفين في القطاع رغم أنها تمثل 8 في المائة من أصوله، وذلك وفقا لتقرير بنك جولدمان. إنهم يستثمرون ملايين الدولارات كل عام في التكنولوجيا، والنظم والبيانات في سعيهم للتفوق على المنافسين.
يتم تمكين قاعدة التكلفة المرتفعة هذه عبر السمة المميزة لأعمالهم، نموذج النفقات “المنقولة”، حيث يقوم المدير، بدلا من رسوم الإدارة السنوية، بتمرير جميع التكاليف إلى المستثمرين النهائيين.
بينما الضريبة القياسية التي تفرضها صناعة صناديق التحوط بنسبة 2 في المائة من الأصول كرسوم إدارية سنوية، وتخفيض 20 في المائة من أي مكاسب كرسوم أداء واجهت ضغوطا هبوطية لأعوام، فإن التكاليف في نموذج التمرير تراوح بين 3 و10 في المائة من الأصول سنويا. يغطي ذلك كل شيء بدءا من إيجارات المكاتب، والتكنولوجيا والبيانات، والأجور، والمكافآت إلى ترفيه العملاء. وعادة ما يتم فرض رسوم أداء تراوح بين 20 و30 في المائة من الأرباح فوق ذلك.
لكن طالما ظل الأداء الصافي لهذه التكاليف الباهظة قويا، يطالب العملاء بالدخول إلى الصناديق متعددة المديرين، مع تجاوز شهية المستثمرين لقدرة كبار المديرين.
يقول نيك موكس، كبير الإداريين الاستثماريين في صندوق ويلكوم تراست، وهو صندوق تبلغ قيمته 37.8 مليار جنيه استرليني يخصص للمنصات، إن النموذج “غير قابل للتطوير”. ويسميها “متلازمة غروشو ماركس”، في إشارة إلى الممثل الكوميدي الأمريكي الذي لم يرغب في أن يكون عضوا في أي ناد يقبله. ويضيف موكس، “الصناديق الجيدة تكون محدودة القدرات. وتلك التي ليست كذلك (…) ربما قد لا ترغب في وضع أموالك لديها”.
في الأعوام الأخيرة، أعاد صندوقا سيتادل وميلينيوم مليارات الدولارات إلى العملاء وتحولا إلى هياكل طويلة الأجل تتطلب من المستثمرين الالتزام بوضع الأموال لفترات متعددة الأعوام. كما أغلق الثنائي، إلى جانب شركة بالياسني، أبوابهما أمام المخصصات الجديدة.
ظهر جيل جديد من المقلدين، لكن الصناديق الجديدة كافحت لترك بصمة. أطلق مايكل جيلباند، الذي كان ينظر إليه ذات يوم على أنه الوريث الواضح لإنجلاندر في صندوق ميلينيوم، صندوق إكسودس بوينت كابيتال مانجمنت في 2018 وسط ضجة كبيرة. ويظل هذا أكبر إطلاق لصندوق تحوط على الإطلاق، لكن أداءه تخلف بشكل كبير عن أداء أقرانه الأكثر رسوخا.
مع ذلك، لا يبدو أن المعوقات العالية أمام الدخول تمنع المنافسين الجدد. يستعد بوبي جين، الرئيس المشارك السابق للاستثمار في شركة ميلينيوم، لإطلاق صندوق تحوط متعدد المديرين العام المقبل.

الحرب من أجل المواهب

يتم تحديد القدرة حسب حجم الفرق. يقول تقرير بنك جولدمان إن الصناديق متعددة المديرين توظف عددا من المتخصصين في مجال الاستثمار بقدر ما توظف موظفين غير استثماريين. وعلى حد تعبير أحد الرؤساء التنفيذيين لصناديق التحوط، “تحتاج هذه الأفران إلى وقود”.
بعد مداهمة البنوك الاستثمارية للمتداولين، تقوم المنصات الآن بشكل متزايد بتوظيفهم، ما يؤدي إلى الاستفادة من نموذج النفقات المنقولة لترك المستثمرين يتحملون فاتورة مواهبهم المكلفة بشكل متزايد.
إن حزم تسجيل الدخول التي تراوح قيمتها بين عشرة و15 مليون دولار ليست غير شائعة، وفقا للمشاركين في السوق، ويمكن أن تمتد المدفوعات المضمونة إلى عشرات الملايين من الدولارات. في الأغلب ما تتضمن دفعات مقدمة للتعويض عن المكافآت المفقودة وضمانات لمدة عامين يتم دفعها بغض النظر عما إذا كان الشخص المعين سيلتزم ويستمر بالدورة التدريبية أم لا.
يقول كبار المسؤولين التنفيذيين في البنوك الاستثمارية، مثل جولدمان ومورجان ستانلي، في أحاديثهم الخاصة إنه لا يمكنهم التنافس ماليا مع المنصات، بينما يشتكي المنافسون في صناديق التحوط التقليدية من أن عمليات التوظيف التي يقومون بها تزيد من تكلفة المواهب عبر هذه الصناعة.
يقول أحد كبار مسؤولي الاستثمار إن شركته تخسر المحللين من المستوى المتوسط ممن ليست لديهم خبرة مباشرة في إدارة الصناديق، بعد أن اجتذبتهم إحدى المنصات الكبيرة مقابل “مبالغ هائلة من المال” لإدارة محفظة استثمارية. ويتوقع أن تصبح هذه المجموعات “ضحية لسياسات التوظيف الخاصة بها لأنها توظف أشخاصا متوسطي الكفاءة”.
يقول كريس ميلنر، مدير العمليات في صندوق أيسلر كابيتال، الذي تبلغ قيمته أربعة مليارات دولار، إن الصناديق تحاول تنمية المواهب داخليا، لكنه يقر بأن هذا “في الحقيقة بدأ للتو من جانب المنصات”. وفي غضون ذلك، تستمر طفرة التوظيف وتطلب المنصات بشكل متزايد من مديري الصناديق الخارجية إدارة الصناديق نيابة عنهم – وهي طريقة أخرى لإضافة القدرات. تشير تقديرات بنك جولدمان إلى أن نصف الشركات متعددة المديرين تخصص الآن أموالها لبعض المديرين الخارجيين على الأقل.
ومع زيادة التكاليف، فإن الأداء الاستثماري اللازم لتبريرها أصبح أكثر صعوبة. يقول جيمس ميديروس، رئيس إنفستكورب-تاجيس، وهي شركة متعددة المديرين، “الآن بعد أن وصلت أسعار الفائدة الخالية من المخاطر إلى 5 في المائة بدلا من الصفر، ارتفعت توقعات عوائد العملاء بالنسبة نفسها”.
يقول إيرمانو دال بونت، المدير الإداري للخدمات الرئيسة في بنك باركليز، إنه بينما يرجع نجاح المديرين المتعددين جزئيا إلى هيكل تكاليفهم، الذي يسمح لهم بالاستثمار بكثافة في الأفراد والبنية التحتية، إلا أن ذلك “يمكن أن يكون مجالا للضعف”.
ويضيف، “السؤال هو ما إذا كانت الفرصة المتاحة في الأسواق (…) ستسمح لهم بتحقيق عائد إجمالي كاف لتغطية تكاليفهم وترك ما يكفي من الفرص للمستثمرين”.

مؤهل لتصبح تيارا رئيسا

ردا على سؤاله عن الكيفية التي يمكن أن تتطور بها قصة الصناديق متعددة المديرين، حدد المستثمر في صندوق التحوط احتمالين، إما “أن يتعرض شخص ما لضربة قوية (…) وإما أن يفقد ميزته التنافسية”.
إذا حصل الاحتمال الأول، فستلعب الرافعة المالية دورها. حيث تقترض المنصات متعددة المديرين الأموال للاستثمار، وهو ما يعزز عوائدها ويجعلها مولدات رسوم مربحة لإقراض الأطراف المقابلة مثل جولدمان ساكس، وجيه بي مورجان تشيس، ومورجان ستانلي.
لكن الاقتراض يؤدي أيضا إلى تضخيم الخسائر إذا سارت الصفقات بشكل خاطئ. فعندما انهار صندوق إل تي سي إم عالي الاستدانة في 1998، كانت المخاوف بشأن الآثار التي ستمتد عبر النظام المالي حادة بما يكفي لجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ينظم خطة إنقاذ بقيمة 3.6 مليار دولار.
يقول بول مارشال، المؤسس المشارك لصندوق التحوط مارشال وايس الذي تبلغ قيمته 63 مليار دولار، إن المنصات متعددة المديرين اليوم تدير رافعة مالية أقل بكثير من صندوق إل تي سي إم وتميل إلى أن تكون “شركات مدارة بشكل جيد ومتنوعة للغاية عبر الاستراتيجيات”. لكن ليس الجميع مرتاحين إلى هذا الحد، وردا على الاقتراح القائل إن صناديق التحوط قادرة على إدارة مخاطر حدوث فشل كارثي، يرد رئيس واحدة من أكبر الصناديق في العالم بكل بساطة، “ليست لدي ثقة في ذلك”.
يجب على البنوك التي توفر الرافعة المالية أيضا أن تسيطر على مستويات المخاطر الخاصة بها، ومع نمو المنصات، كذلك تزداد المخاوف من أن البنوك سترغب في النهاية في الحد من انكشافها. ويقول ميلنر من شركة آيسلر، “في مرحلة ما، تصبح هذه المنصات مقيدة ليس بحجم المراكز، ولكن بقدرة نظيراتها على استيعاب أعمالها”.
يقول الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الأمريكية الكبيرة إنه في حين أن صناديق التحوط متعددة المديرين لا تمثل سوى جزء صغير من أعمال الوساطة الرئيسة لديه، “فهذا لا يعني أنها لا يمكن أن يكون لها تأثير أوسع في الرافعة المالية في أنحاء أخرى من النظام المالي”.
ويستشهد مايك مونفورث، الرئيس العالمي لاستشارات رأس المال في جيه بي مورجان، بالآثار المترتبة على التوسع السريع للصناعة. حيث يقول، “المديرون الذين لم يوظفوا بالضرورة أفضل المواهب، أو ليست لديهم البنية التحتية المناسبة، أو ليس لديهم تنوع، أو أولئك الذين لم يحسنوا كفاءة رأس المال ونظام التخصيص، سيعانون. يمكنك هناك أن ترى مزيدا من عمليات الاسترداد أو عمليات الإغلاق المحتملة”.
هناك تهديد آخر يتمثل في “الصفقات المزدحمة”، حيث تصبح الاستراتيجيات التي كانت مربحة في السابق سائدة والأرباح الناتجة عنها معتدلة.
ويقول مارشال، “إذا كان هناك كثير من الأشخاص الذين يفعلون الشيء نفسه، سيتقلص العائد منه وسترى أداء صناديق المنصة يتلاشى، بدلا من الفشل الذريع كما كان الحال مع صندوق إل تي سي إم. إذا أصبح الازدحام مشكلة، أعتقد أن الأمور ستنتهي بالنشيج لا بالفرح الصاخب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى