
كيف علق النقد الرقمي في الحروب الثقافية؟
في مؤتمر عقد في أبريل الماضي، انحرف حاكم فلوريدا رون ديسانتيس عن انتقاداته المألوفة للتنوع والشمول و”يقظة الشركات” ليستهدف شيئا أكثر إثارة للدهشة.
فقد قال للجمهور في ولاية بنسلفانيا وسط هتافات وصيحات: “أحد الأشياء التي سنحظرها في فلوريدا هذا العام هي فكرة العملة الرقمية للبنك المركزي. خمنوا ما سيحدث؟ سيحاولون فرض أجندة المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة من خلال ذلك”.
قبل بضعة أعوام، كانت العملات الرقمية للبنوك المركزية مجال خبراء السياسات. واليوم أصبحت هذه القضايا موضوعا ذا أهمية سياسية متزايدة، كما أنها تشكل جنون العظمة الزاحف بين المجموعات الهامشية. رغم الطبيعة الدقيقة للعملات الرقمية للبنوك المركزية التي تختلف من بلد إلى آخر، إلا أن طبيعتها الشاملة نسخة رقمية من النقد المادي – الأموال التي يصدرها البنك المركزي، على عكس العملات المشفرة، التي يتم إنشاؤها من قبل كيانات خاصة.
ويستكشف أكثر من 100 بلد إمكانية طرح هذه العملات، بدءا من الصين ـ التي يوفر يوانها الإلكتروني فيها قدرا أعظم من السيطرة والمراقبة ـ إلى نيجيريا، حيث تم إطلاق عملة النيرا الإلكترونية جزئيا للمساعدة على القضاء على الاستخدام غير الرسمي للنقود وتزوير الانتخابات.
والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ليستا استثناء. ففي يناير 2022، أطلق الاحتياطي الفيدرالي فترة من النقاش والتعليقات الجماهيرية على العملات الرقمية للبنوك المركزية. وأكمل الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مشروعا لدراسة الجدوى الفنية للنقد الرقمي في ديسمبر.
وفي فبراير، أعلن بنك إنجلترا ووزارة الخزانة أنهما يدرسان خططا لـ”الجنيه الرقمي”، مدفوعين بالمخاوف من أنه في عالم غير نقدي بشكل متزايد، تقدم الشركات الخاصة بدائل لأموال البنك المركزي.
وإذا حظيت أنظمة الدفع البديلة بتبني واسع النطاق، فقد تؤدي إلى تقويض الاستقرار المالي وقدرة البنوك المركزية على سن السياسة النقدية. وإذا لم تكن هذه الأساليب قابلة للتشغيل البيني، فقد يعيق ذلك قدرة الأشخاص على تنفيذ المعاملات الأساسية.
يقول فارون بول، الذي قضى أكثر من عقد في بنك إنجلترا، وهو الآن مدير البنية التحتية للعملات الرقمية للبنوك المركزية والأسواق المالية في شركة فينتك فايربلوكس: “أعتقد أن بنك إنجلترا قد دفع بالفعل إلى العمل جراء مشروع ليبرا التابع لشركة ميتا”. فقد تم تصور ليبرا في الأصل في عام 2019 كعملة عالمية مستقرة، عملة مشفرة ذات قيمة مستقرة. لكن المخاوف بشأن الاستقرار وغسل الأموال دفعت السلطات إلى صده. وتم إنهاؤه أخيرا في عام 2022.
سيتم تشغيل الجنيه الرقمي على دفتر أستاذ رقمي يديره بنك إنجلترا. وسيعتمد تنفيذه على شراكة بين القطاعين العام والخاص بين البنك المركزي والشركات الخاصة، التي ستوفر الوصول إلى العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) عن طريق إنشاء محافظ إلكترونية أو بطاقات ذكية.
تقول وزارة الخزانة: “بموجب هذه المقترحات، سيكون للجنيه الرقمي خصوصية كمدفوعات البطاقات والحسابات المصرفية التي يستخدمها الملايين يوميا. وهذا يعني أنه لا يمكن للحكومة ولا لبنك إنجلترا الوصول إلى البيانات الشخصية لأي شخص أو معرفة كيف ينفق الناس أموالهم”.
لكن حشدا متزايدا من المحاربين الثقافيين يرددون وجهة نظر ديسانتيس، أو يذهبون إلى أبعد من ذلك، عبر شجبهم العملات الرقمية للبنوك المركزية كأداة صممتها النخب العالمية والمنتدى الاقتصادي العالمي لتدمير الحرية، وهي جزء من بيئة مؤامرة اللقاحات نفسها وسياسات المناخ.
يمكن أن يكون تأثير المعلومات المضللة في المجتمع ذا طبيعة مادية، بدءا من الهجمات على أبراج الجيل الخامس للإنترنت في المملكة المتحدة في عام 2020 إلى محاولة التمرد في مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021. وحتى الآن، لم تصل المعلومات المضللة المحيطة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية إلى هذا الحد. لكن هناك خطرا بتقويض تبنيها وترسيخ المخاوف بشأن المراقبة الحكومية.
لقد صرف الضجيج التآمري الانتباه عن المخاوف المعقولة التي أثارها الخبراء والناشطون بشأن التهديدات للخصوصية والشمولية، حيث يقول الناشطون: إنه دون الاستجابة الكافية لهذه القضايا، لن يكون هناك قبول عام.
يقول اللورد كريستوفر هولمز، وهو زميل من حزب المحافظين يناضل من أجل زيادة الوصول إلى طرق الدفع: “إذا لم يشعر الناس بالثقة في التعامل مع العملات الرقمية للبنك المركزي أو أي شكل رقمي آخر من أشكال المال، فلن تحصل على تأييد. ودون تأييد، فإنك لم تخرج حتى من نقطة البداية”.
تصاعد عدم الثقة
تعود نظريات المؤامرة حول الأعمال المصرفية إلى قرون مضت. لكن في المملكة المتحدة، أدى الإعلان عن تشكيل “فريق عمل مشترك” للعملات الرقمية للبنوك المركزية بين وزارة الخزانة وبنك إنجلترا في عام 2021 إلى تحفيز النسخة الأخيرة من حركة نظريات المؤامرة، وفقا لصاموئيل دوك، وهو مدقق للحقائق في وحدة لوجيكلي فاكتس لمكافحة المعلومات المضللة، حيث يكشف بحث سريع على وسائل التواصل الاجتماعي أنه بالنسبة لجمهور متنام، فإن العملات الرقمية للبنوك المركزية البوابة للسيطرة على سكان عالم عانى بالفعل جائحة “مخططا لها”.
وقال جو روجان، وهو مذيع من المؤثرين في البث الصوتي، في محادثة مع مغني الراب بوست مالون: “ما يرغبون في فعله هو أن يكونوا قادرين على تجريدك من أموالك وأن يكونوا قادرين على حبسك”.
ويحذر منشور متداول على منصة إكس (تويتر سابقا)، يتضمن مقطع فيديو من حساب يدعي أن “الشياطين يحكمون هذا العالم”، يحذر من إمكانية إبطال عقود الرهون العقارية إذا تحولت البنوك إلى العملات الرقمية للبنوك المركزية. وللعلم تمت مشاهدة الفيديو بواقع نصف مليون مشاهدة.
إن الاعتقاد بأن العملات الرقمية للبنوك المركزية أداة لرصد الجمهور والسيطرة عليه فقط هو اعتقاد سائد، كما يقول دوك. ويضيف: “لقد أصبحت نظريات المؤامرة المتعلقة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية أساسية في عملية “إعادة الضبط الكبرى”، وهي عبارة عن مزيج شامل من نظريات المؤامرة المتجذرة في الاعتقاد بأن المنتدى الاقتصادي العالمي والأفراد والجهات الفاعلة الحكومية يخططون لإعادة تشكيل المجتمع على نطاق عالمي عبر وسائل سرية وقمعية.
إن الطبيعة غير المتبلورة والمربكة لعملية إعادة الضبط الكبرى تعني أن العملات الرقمية للبنوك المركزية في الأغلب ما يتم الترويج لها كجزء من مجموعة تدابير، كما يقول دوك، تشمل الحدود المفتوحة، والجهود المبذولة لتهجير السكان وفرض مدن الـ15 دقيقة – وهو شكل من أشكال التخطيط الحضري، يعتقد منظرو المؤامرة أنه أداة للحد من الحركة.
وتقول أويف جالاجر، كبيرة المحللين في معهد الحوار الاستراتيجي، إن سلسلة من الفضائح المالية هذا العام أدت إلى تفاقم انعدام الثقة.
وتضيف: “أحداث مثل قصة كوتس [حيث أغلق البنك الخاص الحسابات المصرفية للزعيم السابق لحملة بريكست من حزب المحافظين نايجل فاراج] وانهيار بنك وادي السيليكون، تخدم كمبرر إضافي داخل هذه المجتمعات”.
ويوضح الخبراء أن العملات الرقمية للبنوك المركزية حتى الآن لم تجتذب مستوى التهديدات والعنف الذي تجلى في أجزاء أخرى من عملية إعادة الضبط الكبرى، لكنها أصبحت على نحو متزايد جزءا من المشهد السياسي السائد.
في الشهر الماضي، أعلن فيفيك راماسوامي المنافس الجمهوري للرئاسة، على منصة إكس، أن العملات الرقمية للبنوك المركزية “مجرد أحدث حصان طروادة لعملية إعادة الضبط الكبرى”، واتهم وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين “بالتوسل إلى الأمريكيين لمواكبة جين بينج”، في إشارة إلى الاسم الأول للرئيس الصيني.
والقضية لا تقتصر على الحزب الجمهوري، حيث قال روبرت إف كينيدي جونيور، الذي ينافس على ترشيح عن الحزب الديمقراطي، في أبريل: إن “العملات الرقمية للبنوك المركزية تسهل عملية الانزلاق نحو العبودية المالية”.
تولسي جابارد، التي ترشحت عن الحزب الديمقراطي لعام 2020 ولكنها اتخذت مواقف أكثر تحفظا بشكل متزايد، ظهرت في برنامج تاكر كارلسون على شبكة فوكس نيوز قبل إقالة مقدم البرنامج، واصفة العملات الرقمية للبنوك المركزية بأنها “أحدث محاولة من قبل أولئك الذين هم في السلطة في بلدنا الذين يعتزمون تقويض حرياتنا وسلبها”.
ويقول جوش ليبسكي، أحد كبار المدراء في المجلس الأطلسي الذي درس الموضوع لنصف عقد، إن رؤية العملات الرقمية للبنوك المركزية تدفع إلى دائرة الضوء السياسي أمر غريب. ويضيف: “فكرة أن تصبح قضية الدفع سياسية إلى هذا الحد هي أمر صادم بالنسبة لي. وحقيقة أنه تم ذكرها حتى في الحملة الرئاسية أمر لافت للنظر”.
ويفضل الخبراء التركيز على التفاصيل الدقيقة للعملات الرقمية للبنوك المركزية نفسها.
ويقول روهان جراي، أستاذ القانون المساعد في جامعة ويلاميت في سالم في ولاية أوريجون: “أعتقد أن الأمور ليست في وضع جيد بشكل عام. إن الإجماع العام هو أنه لا توجد صياغة حول أهمية الخصوصية للتغلب على المخاوف بشأن القضايا من بينها الإرهاب والجريمة والتهرب الضريبي”.
وكان بنك إنجلترا ووزارة الخزانة أكدا أخيرا، أنه على عكس النقد فإن الجنيه الرقمي “لن يكون مجهولا لأن القدرة على تحديد المستخدمين والتحقق منهم ضرورية لمنع الجرائم المالية”، وأن المدفوعات الصغيرة يمكن أن تتمتع بخصوصية أكبر.
والنتيجة الطبيعية لذلك هي مسألة مدى أهمية الهويات الرقمية للوصول إلى العملة الرقمية للبنك المركزي. وفي الأغلب ما واجه هذا الموضوع معارضة قوية في المملكة المتحدة لأسباب تتعلق بالخصوصية، ولكنه يخاطر أيضا بإهمال المستبعدين رقميا، بمن فيهم كبار السن أو الذين ليس لديهم أموال للوصول إلى الأجهزة المطلوبة.
“هل سيتم استبعاد بعض الناس من النظام؟” كما تساءل مارك جونسون، مدير المناصرة في مجموعة بيج بروذر ووتش للحقوق المدنية. وأضاف: “هناك احتمال ألا يتمكن المهمشون من الوصول إلى المال بشكل جيد، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الطريقة التي يصدهم بها النظام المالي عنه حاليا”.
ووفقا لجراي، فإن قدرة العملة الرقمية للبنك المركزي على تقديم شمول أكبر من النظام المالي التقليدي محدودة في المقترحات الحالية. على سبيل المثال، اقترحت ورقة الجنيه الرقمية أن المبلغ الذي يمكن للأفراد الاحتفاظ به سيكون محدودا، لتجنب تشجيعهم على نقل ودائعهم من البنوك التجارية إلى بنك إنجلترا.
ويقول جراي: “لقد أوضحت البنوك المركزية أن الفكرة برمتها هي عدم أخذ أي شيء من اللاعبين الحاليين – لا أحد يقول أنهم سيحلون محل فيزا وماستركارد”. إن النفور من الإخلال بالوضع الراهن يعني أن هناك فرصة ضئيلة لإعادة التفكير في النظام بشكل جذري. ويضيف: “الالتزام بنموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو التزام بالعجز”.
وأكد مارك بارنيت، الرئيس الأوروبي لشركة ماستركارد، لصحيفة فاينانشيال تايمز، أنه ليس قلقا بشأن استبدال العملة الرقمية للبنك المركزي بأنظمة الدفع الحالية مثل البطاقات.
وقال: “قد تقوم العملة الرقمية للبنك المركزي بالمنافسة قليلا، ولكن بالنظر إلى ما نتحدث عنه من حيث المقتنيات وحالات الاستخدام، لا أعتقد أنها مشكلة ضخمة”.
مستقبل بلا نقود؟
من المستحيل مناقشة العملات الرقمية للبنوك المركزية دون النظر في مستقبل الأوراق النقدية. وفي حين أن اقتراح المملكة المتحدة يتمثل في أن يجلس الجنيه الرقمي “جنبا إلى جنب” مع نظيره النقدي، إلا أن الوصول إلى النقد واستخدامه يزداد صعوبة.
وخاض فاراج، الذي انتقد العملات الرقمية للبنوك المركزية، في النقاش الدائر في المملكة المتحدة، حيث رعى عريضة لحماية النقود الورقية عبر محطة البث جي بي نيوز، التي يعمل فيها مقدما، ونشر ما يلي على منصة إكس: “البنوك تحاول فرض مجتمع غير نقدي علينا!”.
من نواح عديدة، يثير زعيم حزب “بريكزيت” السابق شكوى مشتركة. حيث يعد توفير الخدمات النقدية مكلفا بالنسبة للمقرضين، الذين سيغلقون 636 فرعا بحلول نهاية العام، استنادا إلى بيانات من شركة لينك لتشغيل أجهزة الصراف الآلي. وتقدر مجموعة المستهلكين ويتش، أن ذلك سيترك أربعة آلاف فرع فقط في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وتقول وزارة الخزانة: “إننا ندرك أن النقد لا زال هو المفضل بالنسبة للكثيرين، ولهذا السبب قمنا بحماية الوصول إلى النقد بموجب القانون – ما يعني أن الأغلبية العظمى من الناس لن يضطروا إلى السفر أكثر من ثلاثة أميال لسحب الأموال”.
وعلى الرغم من أن الحكومة منحت هيئة السلوك المالي صلاحيات لحماية البنية التحتية النقدية، إلا أن البيان الأخير حول سياستها في هذا الموضوع يشير إلى أنها تعتقد أن المستويات الحالية للوصول إلى النقد مقبولة.
ويشير المؤلف والصحافي بريت سكوت إلى أن المعدل المتزايد الذي تغلق به البنوك مكاتبها في البلدات والمدن في جميع أنحاء المملكة المتحدة ينتج عنه حلقة تغذية راجعة خاصة بها، التي تبرر مزيدا من عمليات الإغلاق.
ويقول: “أنت ترى هذه الدوامة النظامية حيث يغلق البنك فرعا، ويصبح من الصعب على الشركات إيداع النقود، لذا هم يفضلون الدفع عن طريق البطاقة، وهو ما تلتقطه الإحصاءات بعد ذلك. كل هذا يتم الإبلاغ عنه على أنه مدفوع بسلوك المستهلك في حين أنه في الواقع أتمتة تقوم بها البنوك”.
وبينما لا يزال استخدام النقود أقل من مستويات عام 2019، فإن الأرقام من شركة لينك تظهر أنه تم سحب أكثر من سبعة مليارات جنيه استرليني من أجهزة الصراف الآلي التابعة لها في يوليو، ما يعكس أهميتها، ولا سيما للفئات الأقل حظا.
ويقول ديريك فرينش، المدير التنفيذي السابق في بنك نات ويست والناشط منذ فترة طويلة من أجل الوصول إلى النقد: “بالنسبة للأشخاص الأقل ثراء، يمكن أن يجدوا صعوبة كبيرة في وضع الميزانية رقميا. ستجد كثيرا من الأشخاص الذين يسحبون المال من أجهزة صرف النقد يقولون: هذا سيكفيني لمدة أسبوع”.
وتقول آني كيلي، الباحثة في مجال التطرف الرقمي ومقدمة برامج البودكاست، إن الأعداد المتزايدة من عمليات إغلاق فروع البنوك والشركات التي لم تعد تقبل النقد تغذي نظريات المؤامرة، سواء عبر الإنترنت أو في التجمعات والاحتجاجات.
وتضيف: “فكرة المجتمع غير النقدي موجودة إلى حد كبير أينما كان في مجموعات المؤامرة البريطانية. أنت ترى الكثير والكثير من اللافتات والشرائط الإعلانية التي تناقش كيف يتم تنظيم الانتقال إلى مجتمع غير نقدي من قبل النخب لتسهيل السيطرة على البشر”.
وحصد مقطع فيديو لبيرس كوربين شقيق زعيم حزب العمال السابق والناشط المناهض للقاحات، وهو يحاول الدفع نقدا في متجر ألدي غير النقدي هذا العام، ملايين المشاهدات على منصة إكس.
وتقول كيلي: “كثير من هؤلاء الأشخاص يستجيبون للطريقة التي يتم من خلالها تقويضهم والاستغناء عنهم بسبب هذا الانتقال إلى المدفوعات الرقمية. إن الناس يستجيبون لتحول حقيقي، حتى لو كنت لا أتفق مع الاستنتاجات”.
وينتقد سكوت بشدة أجزاء قطاع المدفوعات التي يعتقد أنها تؤجج الحروب الثقافية، حيث يقول: “لقد رأيت كثيرا من المواقف الآن حيث يستخدم الأشخاص في صناعة التكنولوجيا المالية كسلاح، حقيقة أن هناك أشخاصا ذوي توجه يميني متطرف متورطون في محاولة القول بأن أي موقف مؤيد للنقود هو رجعي وتآمري. كما أن الناس الآن يربطون بشكل أساسي الفكر التقدمي بفيزا وماستركارد. وهو شيء مخيف نوعا ما”.
وعلى الرغم من أن القرار بشأن الجنيه الرقمي لم يتم اتخاذه بعد، فمن الواضح للخبراء أن حكومة المملكة المتحدة وبنك إنجلترا – ونظراؤهم على مستوى العالم – بحاجة إلى تغيير استراتيجية الاتصالات.
قد تكون مقاطع الفيديو لمسؤولين من البنوك المركزية والمنظمات متعددة الجنسيات وهم يناقشون العملات الرقمية للبنوك المركزية في دافوس مفيدة عند كسب تأييد صانعي السياسات، لكنها لا تفعل كثيرا لتبديد الأفكار التي تقول: إن المواطنين العاديين لا يشاركون في عملية نشرها.
وتقول كيلي: “أعتقد أن نوع اللغة الذي تستخدمه البنوك والمنتدى الاقتصادي العالمي تروق بشدة للسياسيين الذين يبحثون عن حلول مبتكرة. إنه شيء يبدو فعالا وتكنوقراطيا إلى حد ما، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي في الأغلب ما يبدو باردا جدا، وشاحبا، ومخيفا للغاية”.
ويحذر سكوت من أن مجرد استبعاد منتقدي العملات الرقمية للبنك المركزي يخاطر بترك موقف المعارضة مفتوحا أمام محاربي الثقافة.
ويقول: “إلى حد ما، لا أمانع بعض أشكال خدمات الشركات، لكن يجب أن تكون هناك بعض التوازنات، ولا بأس في قول ذلك. في الوقت الحالي، لا يعارضها سوى أمثال نايجل فاراج في العالم”.
ويشير هولمز، النظير من حزب المحافظين، إلى أنه في حين عملت الحكومة على الوصول إلى النقد، كان هناك تركيز أقل على قبول النقود الورقية من قبل الشركات.
ويقول: “يجب أن يتم تكليف أي كيان عام بقبول النقد – وهذا هو الحد الأدنى الذي يجب أن يتوقعه المرء. ثم يمكنك التشاور حول كيفية توسيع نطاق ذلك”.
ويوضح بول، المسؤول السابق في بنك إنجلترا، أن النقاش المفتوح أمر حيوي أيضا، لضمان دقة المعلومات المتاحة في المجال العام. ويضيف: “لم يحدد بنك إنجلترا ما يكفي من الأشياء التي يمكن أن تقوم بها العملات الرقمية للبنوك المركزية، لذلك ينتهي بك الأمر إلى رؤية الناس يبالغون في تفسير الأشياء أو افتراضها. أنهم بحاجة أيضا إلى إثبات كيفية قيامهم بالأشياء مثل حماية الخصوصية من وجهة نظر فنية إضافة إلى وجهة نظر قانونية، حتى لا تتمكن أي حكومات مستقبلية من تغيير ذلك”.
ويشير إلى أن نشر العملة الرقمية يحتاج إلى التعلم من الأخطاء في بلدان أخرى مثل نيجيريا، حيث اقترن إصدار العملة الرقمية للبنك المركزي بالسحب المفاجئ للأوراق النقدية، ما ترك كثيرين غير قادرين على شراء الأساسيات.
ويقول بول: “أنت لا تريد تفعيل التبني بين عشية وضحاها. المال مهم جدا للنسيج الاجتماعي للحياة، وقد نقلل من شأن ذلك في بعض الأحيان”.