الأخبار المحلية

قطاع التعليم في المغرب .. أزمات يفاقمها إضراب المعلمين ومخاوف من «سنة بيضاء»

رغم توقيع اتفاق بين الحكومة والنقابات التعليمية في المغرب هذا الأسبوع من أجل إنهاء أزمة أساتذة التعليم في المدارس العامة، يواصل الأساتذة إضرابا عن العمل بدأ الثلاثاء ويمتد إلى الجمعة بعدما عدوا أن الاتفاق المبرم غير كاف، ولا يحل المشكلة بل يؤجلها فقط.
ولجأ أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي في المغرب للإضراب منذ بداية العام الدراسي بسبب رفضهم نظاما جديدا أقرته الحكومة المغربية لتوظيف ومواصلة مهام أساتذة التعليم العام الحكومي، يقوم على عدم إدماج الأساتذة رسميا في الكادر الوظيفي التعليمي وإضافة مهام جديدة لهم وفرض عقوبات عليهم.
وفي الأسبوع الماضي عرفت شوارع الرباط مسيرة حاشدة للأساتذة المضربين الذين قدر عددهم بالآلاف وجاءوا من مختلف جهات المغرب رافعين شعار “الموت ولا المذلة”، في خطوة تصعيدية.
وتفجرت الأزمة عام 2016 عندما أقر المغرب في نهاية ولاية رئيس الحكومة السابق عبدالإله بن كيران زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي “نظام التعاقد” لأساتذة التعليم، الذي يقضي بعدم إدماجهم مباشرة في الوظيفة العمومية، بل عن طريق توظيفهم بواسطة عقد عمل حر.
وبحسب “رويترز”، أضيف إلى هذا النظام، ما توجهت إليه الحكومة المغربية من “إصلاح نظام التعليم” بتوجيهات من البنك الدولي، أطلقت عليه “النظام الأساسي” الذي يضع الأستاذ المغربي في قلب الخصخصة، ويمنع إدماجه في الوظيفة العمومية.
لكن الحكومة أعلنت الثلاثاء توقيع اتفاق مبدئي مع النقابات التعليمية ينص على مراجعة “النظام الأساسي الجديد” وإيقاف الاقتطاعات من أجور الأساتذة المضربين عن العمل، وتحسين دخل كل الموظفين والموظفات العاملين بقطاع التعليم، ومعالجة مشكلات فئات رجال التعليم في المغرب حسب القطاعات، وكذلك زيادة مبلغ 500 درهم لأساتذة التعليم الثانوي دون نظرائهم من أساتذة الابتدائي والإعدادي.
وعلى عكس التوقعات لم تهدأ الأمور لعدم اقتناع التكتلات الجديدة التي تشكلت بفعل الأزمة لتمثيل الأساتذة في المفاوضات الرسمية بديلة عن النقابات بمضمون الاتفاق.
وقال مصطفى الكهمة، عضو لجنة إعلام التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد “هي نتائج غير مرضية لجميع نساء ورجال التعليم، حيث لم تستجب لمطالبهم، كمثال على ذلك الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد لم يتم إدماجهم في الوظيفة العمومية ولم يتم رصد مناصب مالية لهم في إطار قانون المالية 2024”.
وأضاف “كان مبرر الحكومة أن البنك الدولي لا يسمح للمغرب برصد مناصب مالية، هذا يعني مع كامل الأسف أنه تم رهن مستقبل البلاد بيد المؤسسات المانحة الدولية التي أصبحت تتحكم في القطاعات الاجتماعية في البلاد”.
كما عد مصطفى، وهو أستاذ تعليم ثانوي، أن زيادة مبلغ 500 درهم لفئتهم دون غيرها، أي لأساتذة التعليم الثانوي، أمر “مجحف في حق أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي، لأنني أعرف ظروف اشتغالهم ومنحنا 500 درهم هو للتفرقة بيننا”. وأضاف “ما تم هو تعديل النظام الأساسي وليس سحبه”.
وعد عدد من الأساتذة أن هذه الزيادة “مجرد مناورة” لأن مطلبهم الأساسي “إسقاط نظام التعاقد”.
وقالت ميلودة بنعزوزي عضوة لجنة الإعلام في التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد “مطلبنا في الأساس هو إسقاط نظام التعاقد، والإدماج في الوظيفة العمومية وليس الزيادة في الأجور”.
وأضافت “الاتفاق لا يمثلنا والنقابات التي تذهب إلى الحوار لا تمثلنا، من تمثلنا هي التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ولم يتم استدعاؤها للحوار، ومطالبنا لم تتم حتى مناقشتها”.
وأكدت أن مطالب الأساتذة الأساسية هي “إسقاط نظام التعاقد والإدماج في الوظيفة العمومية”.
لكن في المقابل، قال عثمان باقة من الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل التي تحاور الحكومة في ملف الأساتذة “التمثيل مرتبط بالآليات الانتخابية، الانتخابات هي من أفرزت النقابات التي لها تمثيل”.
وأضاف “لا يمكن لأحد أن يطعن في مصداقيتنا”.
وتابع قائلا: “لسنا ضد التنسيقيات إطلاقا أن تتحاور مع الحكومة، هذا حراك تعليمي ونحن نمثل الشغيلة التعليمية”.
ومن جهته، أبدى سعد عبيل، عضو اللجنة الإدارية الوطنية في “الجامعة (الاتحاد) الوطنية للتعليم” التي شاركت في الحوار الحكومي أخيرا بعض الرضا عن نتائج الحوار الذي أعلنته الحكومة الثلاثاء.
وقال “بالنسبة لي الحكومة قدمت أقصى ما يمكن أن تقدمه، فالحكومة تقول إنها لا تستطيع تجاوز منصب 20 ألف موظف سنويا كما أوصى بذلك البنك الدولي”.
وأضاف “ربما تكون بعض المكتسبات في جولة أخرى من الحوار في مارس المقبل، الحكومة وعدتنا خيرا”.
ومن بين الوعود، تعميم مبلغ 500 درهم على باقي فئات رجال التعليم الأخرى.
وأضاف أن مطالبهم تتمثل في الأساس في “العدالة الأجرية وليس الزيادة في الأجور، لأن هناك موظفين في الترتيب الإداري نفسه يتقاضون أكثر من المعلمين والأساتذة، والأمر أصبح أسوأ مع موجة الغلاء الشديدة التي يعرفها المغرب”.
وانقسم أولياء أمور طلاب المدارس بين مناصر للأساتذة واعتبار أن ظروف اشتغالهم في المدارس العامة مجحفة لدرجة أن بعض المظاهرات في البداية شهدت انضمام أهالي الطلاب، وبين من يندب حظه وحظ أبنائه ويتخوف من سنة دراسية بيضاء (هي السنة التي تبيض فيها الكراريس بدلا من أن تسود بالحبر).
وقالت ربة المنزل زهرة بلماحي (41 عاما) إن ابنها في الصف التاسع (الإعدادي التوجيهي) ومن المفترض أن يتحدد هذا العام مصيره إما بالالتحاق بالقسم العلمي أو الأدبي، لكنها تخشى من تأثير الأزمة الجارية على مستقبله.
وأضافت “رغم حرصي على أن يراجع دروسه إلا أن مستواه التعليمي أظنه في تدهور مستمر”.
وتوضح إحصاءات الحكومة المغربية للعام المدرسي 2023-2024 وجود ما مجموعه سبعة ملايين و931 ألفا و841 تلميذا في المغرب، السواد الأعظم منهم في المدارس العامة.
كما تظهر الأرقام الرسمية أن أكثر من 80 ألفا من التلاميذ المغاربة في العام الماضي تركوا المدارس العامة المجانية واتجهوا إلى المدارس الخاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى