الأخبار المحلية

في لغة المال .. الناس يثقون بالناس لا الآلات

لا يتوافر لدى معظم المستهلكين العاديين الوصول إلى مستشار مالي شخصي، لكن عددا متزايدا من خدمات الذكاء الاصطناعي تعد بتغيير ذلك عبر تقديم أدوات لمساعدة المنفقين على تتبع إنفاقهم وتقديم المشورة حول أفضل السبل لإدارة أموالهم.
ورغم استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية وإدارة المنتجات المالية الأكثر تطورا مثل الصناديق المتداولة في البورصة، إلا أن الذكاء الاصطناعي يستخدم بشكل متزايد في “إدارة المحفظة” اليومية، كما قال فابيان ستيفاني، محاضر أبحاث في الذكاء الاصطناعي ويعمل في معهد أكسفورد للإنترنت. وهذا عادة المكان الذي يتم فيه منح التطبيقات إمكانية الوصول إلى الحساب المصرفي للمستخدم، وتحليل أنماط الإنفاق الخاصة به وتقديم إرشادات مخصصة له.
وأضاف: “يمكنك القول، هذا هو دخلي وفي نهاية الشهر أرغب في توفير مبلغ معين من المال، كيف يمكنني تحقيق ذلك؟ لكن يمكنه أيضا أن يقارنك بزملائك الذين لديهم وضع مالي مشابه، ويخبرك إذا كنت تنفق أكثر منهم بكثير، على سبيل المثال، على أشياء مثل الطعام أو الملابس”.
يحتاج بعض الأشخاص إلى يد عون لإدارة مواردهم المالية. وفقا لهيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة، قال 24 في المائة من البالغين الذين شملهم الاستطلاع العام الماضي إن لديهم ثقة منخفضة بما يتعلق بالتعامل مع أموالهم، وقال 38 في المائة إن معرفتهم بالمسائل المالية كانت منخفضة.
يمكن لتطبيقات مثل والي تتبع الشؤون المالية للمستخدم عبر حساباته الجارية، وحسابات التوفير، وبطاقات الائتمان وحسابه الاستثماري لتحديد الاتجاهات والتنبؤ بالنفقات المقبلة، إضافة إلى وضع خطط إنفاق مخصصة يتم إنشاؤها بوساطة برنامج الدردشة الآلية عند إعطائه هدفا وإطارا زمنيا. ويمكن لتطبيق كليو، الذي يخطط لإعادة الانطلاق في المملكة المتحدة، أن يقرر مقدار المبلغ الذي يمكنك توفيره على أساس شهري ووضعه جانبا تلقائيا، إضافة إلى فرض غرامة عليك بمبلغ محدد – تذهب إلى وعاء للادخار – إذا أنفقت كثيرا على أشياء غير ضرورية أو مشتريات فاخرة. ويساعد تطبيق بلم المستخدمين على إدارة الديون والسحب على المكشوف عن طريق تخصيص مبلغ معقول بمجرد سداده.
ولأخذ التخصيص خطوة أخرى إلى الأمام، ستوفر شركة ولت دوت أيه أي الناشئة في سان فرانسيسكو، التي تخطط للإطلاق في المملكة المتحدة، لمستخدميها بصائر مثل أيام الأسبوع التي من المرجح أن يبالغوا فيها في الإنفاق – باستخدام البلوتوث وبيانات الموقع – وما إذا كانوا يبالغون في الإنفاق في مواقع محددة أو مع أصدقاء معينين.
قال الرئيس التنفيذي، عمر جرين: “نركز على السلوك ونساعدك على إحداث تغييرات سلوكية. نريد جميعا قضاء بعض الوقت مع أصدقائنا، لكن إذا كانت ميزانيتك محدودة جدا فربما يمكنك تأجيل موعد الذهاب إلى المطعم مع ذلك الشخص الذي له تأثير سيئ في أمورك المالية”.
يستخدم المقرضون مثل سالاد موني الذكاء الاصطناعي لمساعدة المقترضين الذين قد يفشلون لولا ذلك في استيفاء معايير الضمان. وتقول المؤسسة الاجتماعية إن استخدامها للذكاء الاصطناعي يضفي طابعا ديمقراطيا على الوصول إلى القروض الصغيرة للأشخاص الذين يعانون درجات الائتمان الضعيفة.
وباستخدام البيانات المصرفية المفتوحة للأفراد والتعلم الآلي لتصنيف عادات الإنفاق الخاصة بهم، تقول الشركة إن 85 في المائة من الطلبات يتم قبولها أو رفضها تلقائيا، ما يعني أنه يمكنها معالجة مزيد من الطلبات، وتقديم أسعار فائدة أقل مما يمكن لعملائها الوصول إليه عادة. نظرا إلى إنشائها كبديل لقروض يوم الراتب، فإنها تقدم قرضا بقيمة عشرة آلاف جنيه استرليني يتم سداده على مدار 18 شهرا بمعدل نسبة مئوية سنوية تمثيلي قدره 79،5 في المائة.
وقد أقرضت أكثر من 47.5 مليون جنيه استرليني إلى 35،221 عميلا على مدار الأعوام الأربعة الماضية. يشار إلى أن أقل من نصف عملائها بقليل هم من العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، في حين أن 71 في المائة من عملائها من الإناث.
وقال تيم روني، الرئيس التنفيذي: “هذا يعني أنه يمكننا اتخاذ قرارات ائتمانية أفضل بشأن الأفراد الذين عادة ما يتم رفضهم بسبب عدم سدادهم للدفعات، أو صدور حكم من محكمة المقاطعة أو بسبب إفلاسهم في الأعوام الستة الماضية. ندفع ذلك جانبا ونسأل: “هل يمكن لهذا الشخص أن يتحمل التزاما ائتمانيا؟” وذلك استنادا إلى قدرته على خدمته وميله إلى دفع الفواتير والديون”.
لدى بعض الخبراء مخاوف بشأن مخاطر الذكاء الاصطناعي في التمويل الشخصي، مثل ما إذا كان من الممكن استخدام الرؤى السلوكية الناتجة عن بيانات المعاملات والذكاء الاصطناعي لدفع الناس إلى زيادة الإنفاق.
وقال روني: “قد تكون هناك بعض الاستخدامات السيئة للذكاء الاصطناعي المرتبطة بالتمويل الشخصي ومن ثم الوصول إليه عبر أطراف ثالثة، لتقديم اقتراحات للمستهلكين الضعفاء حول ما ينبغي لهم فعله تاليا”.
تقدم كثير من التطبيقات عضويات اشتراك مدرجة مدفوعة، لكنها توفر أيضا خدمات مجانية. قال ميك ماكاتير، المدير المشارك لمركز الشمول المالي، إنه يشعر بالقلق من أنه إذا كانت للتطبيقات علاقات تجارية مع المقرضين أو مقدمي خدمات التأمين، فقد يتم توجيه نصائحها المستهدفة نحو الترويج لخدماتهم.
وقال: “من غير الواضح كيف يمكنهم الاستفادة ماليا من هذه التطبيقات – لذلك يجب على الأشخاص أن يكونوا حذرين حقا بشأن ما يشتركون فيه. قد ينتهي بك الأمر إلى أن تجد نفسك تحد من خياراتك بدلا من توسيعها”.
ورغم أن الشركات ذات السمعة الطيبة قد تكون لديها سياسات بيانات تتطلب منها حذف البيانات وإخفاء هوية صاحبها، إلا أن المستخدمين الذين ليست لديهم فكرة واضحة عن كيفية عمل الذكاء الاصطناعي قد يكونون أقل ميلا للتسجيل للحصول على خدمات إضافية تعتمد على التكنولوجيا إذا كانوا يخشون استخدامها لأغراض شائنة.
تقول هيئة السلوك المالي إنها تدرس حاليا كيف يمكن للتنظيم أن يعزز الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي في مجال التمويل، وتشير إلى واجب المستهلك، الذي ينص على أنه يجب على الشركات إنشاء منتجات وخدمات توفر نتائج جيدة للعملاء كإطار ستستخدمه لمعالجة المشكلات الناشئة عن الذكاء الاصطناعي.
وهناك أيضا خطر يتمثل في أن الخدمات المالية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى استبعاد الأشخاص الذين ليست لديهم معرفة رقمية. تستخدم البنوك بشكل متزايد روبوتات الدردشة لتوجيه طلبات المساعدة. وبينما يمكنها أن تتعامل مع الأسئلة الأكثير تعقيدا، إلا أنها في الأغلب ما تقدم إجابات محدودة ومحددة مسبقا، ما يؤدي إلى إحباط العملاء الذين يحتمل أن يكونوا متعثرين ويبحثون عن المساعدة في شؤونهم المالية.
تقول هولي ماكاي، الرئيسة التنفيذية لموقع بورينج موني الإلكتروني المخصص للمستهلكين، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيدا في التعامل مع الأسئلة الواقعية للناس، مثل ما إذا كان بإمكانهم الحصول على حساب نقد وأسهم وحصص، لكن للحصول على مزيد من النصائح الموضوعية، قد لا يكون المستهلكون على استعداد لأخذ المشورة المهمة من الآلات.
“لا يزال الناس يثقون بالناس إلى حد كبير وسيستغرق الأمر عدة أعوام حتى يتغير ذلك أعتقد أن هذا تطور مدته خمسة أعوام وليست ثورة فورية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى