عندما صرخت الطفلة ب”عليً الطلاق”..!
سلمان بن محمد العُمري
في ظهيرة يوم حار من أواخر شهر أغسطس،وفي حرارة تفقد الإنسان مافعله قبل ساعة،تذكرت بيت الشعر العربي الذي يقول:
وينشأ ناشيء الفتيان فينا
على ماكان عودهُ أبوهُ
تذكرت هذا البيت رغم بعد العهد عنه وذلك حينما أخذت بنيتي “شموخ” من مدرستها في ظهيرة ذلك اليوم، وتوقفت عند صراخ طفلة في الصف الأولى الإبتدائي،وهي تقول لزميلتها “عليّ الطلاق” ماتركبين قبلي في الباص..!!، وجلست مندهشاً مستغرباً متعجباً من حديث تلك “الطفلة البريئة”،وإطلاقها الصيحات “عليّ الطلاق”،وهي لاتعرف أبجدياته،وحتماً إنها استقت تلك العبارة وغيرها من البيئة التي تربت بها، ويتناقلها الكبار في محيطهم، بنيتي”شموخ” لفت نظرها توقفي لمشاهدة الحدث، وقالت:هذه زميلتي”نوف” دائماً ماتقول في المدرسة: “علي الطلاق”،و”علي الحرام”..!
إن الآباء والأمهات قدوة لأبنائهم في أحاديثهم وتصرفاتهم،إن خيراً فخير وإن شراً فشر،ولاشك أن هناك الكثير من العادات والتقاليد البالية التي يطلقها الكبار ويقلدونها الصغار،ويكون لها تأثير إما بالسلب أو الإيجاب إذا كان هناك ثمة محامد طيبة.
لايزال فئام من الناس، وتحديداً في مناطق معينة لاتنفك ألسنتهم من بعض الألفاظ والأيمان”علي الطلاق”، وبالذات حينما يودون القيام بإكرام شخص أو حتى إرغامه على مالا يريد،وربما ينهدم بيت الزوجية جراء دعوة للغداء أو العشاء.
إن من يستمع لبرامج الفتاوى الإذاعية والتلفازية التي يقدمها أصحاب الفضيلة المشايخ سيمر عليه العديد من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع فبعد أن يقع الفأس في الرأس يسألون المشايخ عن الحكم الشرعي في يمين الطلاق التي رماها أحدهم، وهل هي ملزمة؟!،وهل هناك كفارة لذلك؟،وقد بيّن أهل العلم الحكم الشرعي لهذه الحالة منذ القدم وحتى الآن ولم يخل عصر من العصور من أهل الحماقات الذين يحلفون بالطلاق بدافع الكرم والشهامة أو بدافع الغضب أو التحدي!!.
لقد قال بعض العلماء بوقوع هذا الطلاق والغالب من العلماء يرون أنه يمين يُوجب الكفارة فقط،مع وجوب الاستغفار والتوبة من هذا اليمين المخالف لهدي النبي- صلى الله عليه وسلم-وهو الأصح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم وجماعة من السلف-رحمهم الله-ومشايخنا في هيئة كبار العلماء،لأن له معنى اليمين من جهة الحث والمنع والتصديق والتكذيب،وهذا لايعني التساهل بهذه الأيمان والواجب على الآباء والمربين والوعاظ والدعاة التأكيد على الناس بخطورة هذا الفعل وتوعيتهم بهذا وتحذيرهم من هذه الأيمان الفاسدة.
______
[email protected]
_____
سلمان العُمري