الأخبار المحلية

سبعُ سنبلاتٍ خُضِرٍ مزهراتٍ يانعاتٍ

 

اللواء الركن م. الدكتور

بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود

 

نحتفي نحن السعوديين في هذه الأيام الطيبة المباركة، بمزيد من البهجة والفرح والسرور والفخر والاعتزاز، وقبل هذا وذاك بالشكر لله المنعم الوهاب، نحتفي بالذكرى السابعة لبيعة أخي العزيز الغالي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، ولي العهد القوي بالله الأمين، ولياً لعهد بلادنا الطيبة المباركة العزيزة الغالية، التي ليس مثلها في الدنيا وطن، كما يحلو لي أن أؤكد دوماً عن قناعة راسخة، وليست عاطفة جياشة فحسب. فقد سبق لي أن زرت كثيراً من دول العالم في مختلف قارات الدنيا؛ غير أن بلدان الدنيا كلها لا تعدل عندي ذرة واحدة من رمال بلادنا.. ديرة آل سعود، عرين الأسود، نبع الكرم والجود، وقافلة الخير القاصدة أبداً للعالمين أجمعين، عربيهم وأعجميهم، إذ لا تفرق في العمل الإنساني بين الناس كلهم حيثما كانوا، بسبب عقيدة أو جنس أو لون؛ لأن الخيرية التي جبلت عليها هذه الأُمَّة السعودية العظيمة، تمثل جزءًا أساسياً من رسالة بلادنا لتحقيق معنى الاستخلاف في الأرض.

 

أقول، نحتفي هذه الأيام في مهد البطولة وأرض الشمم بمناسبة حلول الذكرى السابعة لبيعة ولي عهدنا القوي بالله الأمين، التي حلَّت هذا العام في يوم الجمعة الخامس عشر من شهر ذي الحجة 1445ه، الموافق لليوم الحادي والعشرين من شهر يونيو 2024م. ومن جميل الصدف، التي هي ربَّما خير من وعد كما يقولون، أن هذه الذكرى الطيبة الميمونة قد صادفت هذا العام أيضاً يوم مولد سمو ولي عهدنا الكريم، إذ رأى النور لأول مرة في اليوم نفسه (الخامس عشر من شهر ذي الحجة 1405ه، الموافق لليوم الحادي والثلاثين من أغسطس 1985م). ومن جميل الصدف أيضاً أن بيعة سموه الكريم كانت في قصر الصفا بمكة المكرمة، أحبُّ البقاع إلى الله عزَّ و جلَّ.

والحقيقة من يطالع سيرة سموه الذاتية المشرفة، منذ اللحظة الأولى التي أبصرت فيها عيناه الكريمتان شمس بلاده، لا يحتاج إلى كثير عناء لكي يدرك أن طفولته لم تكن طفولة عادية طابعها اللعب والشغب والشقاوة كما هي طفولة معظم أقرانه، بل اتسمت حياته بالجدية منذ أن كان يافعاً، إذ تولى أول مهمة رسمية له في الدولة، وسموه الكريم بالكاد يناهز عتبة ربيعه العشرين. وهكذا تدرج في مختلف المواقع العليا المهمة في الدولة؛ إلى أن أصبح ما هو عليه اليوم: لا أقول قائداً فذاً كبيراً فحسب، بل مجموعة قادة في قائد واحد؛ همه الأول والأخير الارتقاء ببلاده وشعبها إلى أرقى المستويات العالمية وأعلاها وأفضلها، من خلال قيادته الفعلية لمسيرة التحول التاريخية في بلاده.

 

ومع هذا كله إلا أن كثيرين، لاسيَّما الأجانب، يحصرون دور سموه الكريم في رؤيتنا الطموحة الذكية (2030) التي قال عنها الشاعر الكبير سالم بن جخير، مخاطباً ولي عهدنا القوي بالله الأمين، في حضرة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين: (أبو رؤياً بشائرها علينا تلجم الشمات).

 

صحيح إن سموه الكريم عرَّاب رؤيتنا ومهندسها وهي من بنات أفكاره، إذ أعلن عنها في الخامس والعشرين من أبريل 2016م، لتتزامن مع التاريخ الذي تم تحديده لإنجاز ثمانين مشروعاً حكومياً تنموياً عملاقاً، تتراوح تكلفة المشروع الواحد منها بين أربعة مليارات وبين عشرين مليار ريال سعودي؛ وتتركز مبادئها الأساسية في ثلاثة محاور رئيسية: مجتمع حيوي، يستمتع بالحياة في وطن طموح، محققاً اقتصاداً مزدهراً. وهي باختصار شديد: خطة ما بعد النفط لبلادنا كما وصفها مهندسها.

ومن الصدف الرائعة الجميلة أيضاً، وما أكثرها، أن تستضيف الرياض معرض إكسبو (2030) تزامناً مع اكتمال برامج رؤيتنا، بعد أن حققت فوزاً ساحقاً على مدينة روما الإيطالية ومدينة بوسان في كوريا الجنوبية.. وبنظرة سريعة لتاريخ هاتين المدينتين، تدرك المكانة الرفيعة التي حققتها الرياض في مختلف المجالات.

أقول، صحيح.. كان لسموه الكريم القدح المعلى في العصف الذهني الذي استغرق وقتاً وجهداً وسهراً وتعباً وعملاً دءوباً وحرماناً للنفس حتى من أبسط حقوقها، ليفضي في النهاية إلى برامج الرؤية التي أعلن سموه الكريم خطوطها الأساسية في اليوم السادس من شهر شعبان عام 1438ه، الموافق لليوم الثاني من شهر مايو عام 2017م، مبشراً بتحديد عشرة برامج حتى (2020) تتضمن المؤشرات والأهداف في أربعة وعشرين جهة حكومية للإسهام بشكل أساسي في تخفيض العجز ومضاعفة الإيرادات غير النفطية.

 

أقول هذا قطعاً كله صحيح، إلا أنه جاء بعد جهد شاق، وعمل دءوب، ومسؤوليات جسام، اضطلع بها ولي عهدنا القوي بالله الأمين داخل البلاد وخارجها، فقد شهد في صباه فترة تطور الرياض التي حققت نقلة نوعية في بنيتها الأساسية ومرافقها ومشهدها الحضاري. ولهذا لم تكن اهتماماته اهتمامات وزير أو مسؤول عادي في حدود مسؤوليته، بل كان همه هم قائد كبير طموح شامل لكل مرافق الدولة التي تحقق جودة الحياة لمواطنيه: السياسة، الاقتصاد، الصحة، البيئة، المناخ، التعليم، اهتمامه بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والمساجد عموماً في البلاد، لاسيَّما المساجد التاريخية منها، السياحة، الاستثمار، عالم المال والأعمال، الإسكان، إيجاد فرص عمل لكل قادر عليه راغب فيه من الجنسين، دعم القطاع الخاص للإسهام بدوره في تعزيز الاقتصاد الوطني، مكافحة الفساد، محاربة الفقر، توطين الصناعات، لاسيَّما ما يتعلق منها بالدفاع، ريادة الفضاء، تشجيع العمل الخيري، بل حتى الرياضة وجدت حظها من اهتمام سموه الكريم لإدراكه أهميتها في تحسن مستوى الصحة وبالتالي زيادة معدل متوسط العمر… إلخ. هذا على المستوى المحلي.

 

أما على المستوى العالمي، فقد اهتم سمو ولي عهدنا القوي بالله الأمين كثيراً بتعزيز العلاقات في مختلف المجالات الحيوية مع كبار زعماء العالم، إذ زار أمريكا، الصين، روسيا الاتحادية، اليابان، فرنسا، كوريا الجنوبية، باكستان وغيرها كثير؛ لإرساء نظام مالي عالمي جديد، يكون أكثر استجابة وإنصافاً وشمولية لتحقيق العدالة والمساواة، وبالتالي محاربة التطرف والإرهاب، ونشر ثقافة الاعتدال وقيم الأمن والأمان والاطمئنان ليعم الاستقرار العالم كله، بعد تقريب وجهات النظر تجاه أكثر الدول حساسية.

وهكذا حققت بلادنا بتوفيق الله، ثم بدعم ولي عهدنا القوي بالله الأمين لولي أمرنا، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظهم الله ورعاهم، وسدد على طريق الخير خطاهم، حققت بلادنا تقدماً كبيراً في عدة مؤشرات وفق تقرير التنافسية العالمية.

وبالجملة، أستطيع القول: لقد كان لجهود سموه الكريم خلال هذه السبعة سنوات الخضر الزاهرات اليانعات، دور كبير لكي تصبح بلادنا ضمن أكبر عشرين اقتصاداً عالمياً، وعضواً فاعلاً في مجموعة العشرين، وأحد الكبار المؤثرين الرئيسيين الذين لا يمكن تجاوزهم بأي حال من الأحوال في الاقتصاد العالمي مثلما هو الحال في مطبخ السياسة العالمية، وأسواق النفط العالمية، وأكبر قوة اقتصادية في الشرق الأوسط.. هذا الشرق الأوسط الذي يبشر سموه الكريم بقناعة الكبار أنه سوف يصبح إن شاء الله أوروبا الجديدة.

ولهذا لاغرو أن يحظى ولي عهدنا القوي بالله الأمين بتلك المكانة السامية في نفس شعبه، ولدى زعماء العالم من أقصاه إلى أدناه، كبيرهم قبل صغيرهم، ومحبة خاصة حتى لدى أطفالنا.. رجال الغد المشرق، الذين من أجلهم هندس سموه الكريم (رؤية الحاضر للمستقبل) حسب تعبيره.

ولهذا أيضاً ليس غريباً أن يحصل سموه الكريم على أرفع الأوسمة والقلادات والنياشين وشهادات الدكتوراة الفخرية من مختلف بلدان العالم، تقديراً لدوره الرائد في تعزيز العلاقات ونشر قيم المحبة والسلام.

أخيراً: إن كنت أدري يقيناً أن مثل سموه الكريم لا ينتظر شكراً من أحد على الواجب المقدس الذي يضطلع به، إلا أنني أرجو أن يسمح لي بالتعبير عن صادق شكري وتقديري وعرفاني وامتناني لكل ما قدمه لبلاده ولشعبه وللمحتاجين في العالم كله ويقدمه يومياً؛ معبراً لسموه الكريم عن أصدق آيات التهاني والتبريكات بمناسبة حلول الذكرى السابعة لبيعته الميمونة، متمنياً له دوام الصحة والعافية وطول العمر. ولا أقول مجدداً العهد، بل هي بيعة لازمة في أعناقنا إلى الأبد بحيث نكون على الدوام: غصن زيتون لمن سالمه، وخنجراً مسموماً في خاصرة كل من عاداه.. مرسلاً أعطر آيات التحيات الطيبات لسموه الكريم بلسان أخي الشاعر سالم بن جخير الذي سبقت الإشارة إليه آنفاً:

سلام الله على خير الشعوب محقق الغايات
سليل العز واهل من نخاهم ما يخلونه
هذا محمد بن سلمان، هذا كامل الشارات
هذا طويقاً يسمى، يا عسى العدوان يفدونه
هذا محمد بن سلمان، هذا ثاقب النظرات
هذا اللي سطوته من قوة باسه تسبق فنونه
هذا محمد بن سلمان، هذا عادل الميلات
هذا اللي لاتصعب الأمر عنده صار ياهونه
أبو وجهاً عليه من الرضا ما يقضي الحاجات
وأبو راساً يوم إنك نخيته جنَّ جنونه

وأختم بالإجابة عن تساؤل أخي الشاعر الكبير عبد الرحمن بن مساعد في رائعته عن ولي عهدنا القوي بالله الأمين: (أصعد بعزمك إن المجد متصل)، مع أنني أدرك أن تساؤله استنكاري: البطل لا يمل صعوداً.. ياشبيه الريح، فعزم سموه الكريم لا يوهي به كلل، كما أكدتم في القصيدة نفسها.
وكل عام قيادتنا بخير، وبلادنا بخير، وشعبنا في أمن وأمان، والعالم في رخاء وإزهار وسلام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى