تائهون خارج أوطانهم
تهاني المشيخي
يقع الكثيرون طواعياً في مصيدة الاغتراب فمنهم من ينجح في تحقيق أحلامه، واخرون يفقدون الأمل وتتحول حياتهم إلى كوابيس فلا يعودون لاسرتهم باي مكاسب مادية وخبرات حياتية.
كثيرون حققوا نجاحات في الغربة لم تكن لتتحقق لو ظلوا في أوطانهم لكن كثيرون ممن أدمنوا الاغتراب سنوات طويلة كانت خطتهم للسفر لمدة محددة يستقرون بعدها في أوطانهم غير أن ذلك لم يتحقق فيضلون في الغربة لعقود ويعودون إلى أوطانهم في توابيت.
هؤلاء المفقودين والضائعين لم تكن غربتهم لها خطتها واهدافها بل الغرض هو جمع بعض المال بعض من اطماع شخصية كبناء بيت أو الزواج فتجرفه الغربة بكلكلها فلا حقق حلم ولا كفى أسرته.
العجيب في الأمر أن بعض المغتربين يعتقدون ان بلدان الغربه ستدوم لهم فيحرمون أنفسهم من بناء مستقبل لاطفالهم في اوطانهم او يربطونهم باسرهم ومجتمعاتهم ويظل في بذخ واستعرض وهدر للمال فيفونون شبابهم ويحرمون وتصبح أسرهم واطفالهم أمام الأمر الواقع فلاهم قادون على العودة لاوطانهم ولا الاستمرار في الغربة
فالمغترب هو سفير بلده لكن الكثير منهم يخونون هذا المبدأ ويذهب ن للعمل في مجالات تعرض حياتهم للخطر والمسائل القانونية وكل هذا في إطار البحث عن الثراء السريع في ظل التحديات التي تواجههم خصوصاً من لا يمتلك مهنة او حرفه فيفقد كل الفرص ويزج به في السجون فلا هو ظل في وطنه ولا هو استطاع كفاية أسرته.
ان الخسارة الأكبر تتمثل في فقدان المغترب لشبابه وحياته ويحرم نفسه من أمور كثيرة يمكن أن تكون سببًا في سعادته وسعادة من حوله.
المثير للسخرية ان المجتمع في بلد المغترب ينظر لأسرة هذا الغائب والمفقود عن وطنه بنظرة ابتزارية، والعجيب في الأمر أن بعض المغتربين حين يعودون إلى اوطانهم وأمام المجتمع يظهرون حالة الثراء مع انهم كادحون في بلد الغربة فتراهم ينفقون بتبذير ويتعاملون كأنهم بيزنس مان وما ان تمضي إجازته ليعود الغربة كما دخلها اول مرة منتوف الريش فاقد المال.
يجب على من يفكر في الغربة أن يضع في راسه خطة محكمة تتصدرها التمسك بالقيم والأخلاق واحترام قوانين البلد المستضيف ويعمل على تحقيقها في مدى زمني محدد حتى لا يتسرب العمر من بين يديه، ثم يجد نفسه بعد مرور سنوات طوال في الغربة وقد خرج منها وهو خاوي الوفاض لم يحقق شيئًا مما كان يصبو إلى تحقيقه عندما فكر في الاغتراب .