
«بلاك روك» و«أموندي» تدقان أجراس إنذار الركود
حذر مديرو الاستثمار في اثنتين من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم من أن خطر حدوث ركود في الولايات المتحدة آخذ في الارتفاع، حتى مع اعتقاد مسؤولين حكوميين وعدد متزايد من المستثمرين أن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة لن يلحق الضرر بالاقتصاد بشكل كبير.
قال كبار مديري الصناديق في “بلاك روك” و”أموندي” لـ”فاينانشال تايمز”: إنه بينما يبدو الاقتصاد الأمريكي مرنا إلى حد كبير في مواجهة التشديد النقدي القوي من الاحتياطي الفيدرالي، فإن التصدعات بدأت تظهر الآن، خاصة في سوق العمل.
قال فينسينت مورتييه، كبير مسؤولي الاستثمار في أموندي، التي تدير 2.1 تريليون دولار: “إن احتمال حدوث ركود بالنسبة لنا مرتفع للغاية. وعلامة الاستفهام هي ما مدى عمقه وحدته؟ (…) إن الديناميكيات في الولايات المتحدة تقلقنا أكثر بكثير من الإجماع”، مضيفا أنه يتوقع أن يأتي الانكماش في نهاية هذا العام أو أوائل العام المقبل.
من جانبه، قال ريك ريدر، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت العالمي في بلاك روك، التي تدير 9.4 تريليون دولار: إنه أصبح أكثر تشاؤما بشأن حال الاقتصاد الأمريكي في الأسابيع الأخيرة. وبينما كان يعتقد أن البلد سيتجنب ركودا حادا، فإنه قال: إن التباطؤ قد بدأ بالفعل.
“لقد كنا متحمسين للغاية بشأن الاقتصاد، لكن الآن، ومن عجيب المفارقات، عندما كنت أعتقد أن الناس شطبوا احتمالية حدوث الركود من حساباتهم (…) أعتقد في الواقع أننا نشهد بعض العلامات الملموسة للتباطؤ. لا أعتقد أنه يمكنك شطب احتمالية حدوث الركود”، كما قال ريدر.
كلتا الشركتين الآن “مثقلتين” بالسندات الحكومية الأمريكية -ما يعني أنهما تملكان مراكز أكبر مما قد توحي به معاييرهما- اعتقادا بأن الاحتياطي الفيدرالي ربما يكون قد انتهى بالفعل من رفع أسعار الفائدة، وأن سندات الخزانة ستؤدي أداء جيدا خلال فترة الضعف الاقتصادي. وتتوقع كلتاهما أيضا تراجع الدولار.
كما تأتي تحذيراتهما حتى في الوقت الذي تتوقع فيه السوق الأوسع “هبوطا ناعما”، يتمكن فيه الاحتياطي الفيدرالي من خفض التضخم دون دفع الاقتصاد إلى الركود. قالت جانيت يلين وزيرة الخزانة نهاية الأسبوع الماضي: إنها واثقة بشكل متزايد من أن الهبوط الناعم ممكن.
خفض بنك جولدمان ساكس الاستثماري في وقت سابق من هذا الشهر احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة يبدأ في الأشهر الـ12 المقبلة. وخلص استطلاع أجراه بنك أوف أمريكا لمديري الصناديق العالمية نشر الثلاثاء، إلى أن نحو ثلاثة أرباع المشاركين توقعوا إما هبوطا ناعما أو عدم حدوث أي تراجع على الإطلاق للاقتصاد العالمي، وذلك ارتفاعا من 68 في المائة في يونيو.
بدأت سوق العقود الآجلة تعكس توقعات المستثمرين الأكثر تفاؤلا. في وقت سابق من هذا العام، كان المتداولون يراهنون على تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة في 2023، متوقعين أن يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيف السياسة النقدية في مواجهة الركود. وقد تم تأجيل هذه التخفيضات المتوقعة في الأشهر الأخيرة إلى حد كبير حتى منتصف العام المقبل.
أشار كل من مورتييه وريدر إلى الأزمة الأخيرة التي شهدتها سوق العمل بوصفها دليلا على التباطؤ. ارتفع معدل البطالة إلى 3.8 في المائة في أغسطس، وهو أعلى من تقديرات الاقتصاديين وأكبر من معدل يوليو البالغ 3.5 في المائة. وبينما كان عدد الوظائف المضافة أعلى من المتوقع، خفض إجمالي الوظائف للشهرين السابقين.
قال ريدر: “للمرة الأولى، هناك بعض الركود الملموس في القوى العاملة”. ومع استبعاد احتمال حدوث زيادات أخرى في أسعار الفائدة، قال ريدر: إن عوائد سندات الخزانة المرتفعة نسبيا المعروضة تبدو جذابة.
“الآن وقد أصبح الاحتياطي الفيدرالي قريبا جدا من ذلك، إن لم يكن قد انتهى تماما (…) أعتقد أنه يمكنك أن تشعر بتحسن كبير بشأن الانكشاف أكثر على أسعار الفائدة”، حسبما أضاف.
قال مورتييه: إن سوق الوظائف الضعيفة من شأنها أن تستنزف طلب المستهلكين، ما يضغط على الهوامش المؤسسية مع خفض الشركات الأسعار للتنافس على حصة في السوق. وأضاف: “المستهلك الأمريكي منهك”.
في الوقت نفسه، كان يعتقد أن الميزانيات العمومية للشركات ستصبح أكثر تمددا مع استنزاف الشركات لاحتياطياتها النقدية واحتياجها إلى إعادة التمويل بأسعار فائدة أعلى. أضاف: “سوف يكون هناك سيل قادم من إعادة تمويل الديون”.
أشار مورتييه أيضا إلى المستوى المرتفع لديون الحكومة الأمريكية، ما حد من قدرة السلطات الأمريكية على زيادة دعم الاقتصاد.
تبيع “أموندي” الدولار على المكشوف، رغم أن مورتييه اعترف بأنه كان رهانا “صعبا” نظرا لأن العملة كانت أصلا ملاذا يمكن أن تستفيد منها خلال صدمات السوق.