بائع الورد
تهاني المشيخي (صحيفة صدى العرب)
ليس هناك أجمل من مهنة بائع الورد الذي يوزع الحب والأمل والسعادة وتزكي رائحة ورده الانوف وتخلق راحة نفسية لا مثيل لها في أوساط مختلف شرائح المجتمع بل وتفتح نوافذ أغلقت وأبواب أوصدت لسنوات عجاف في وجه البعض فتجعلنا نستبشر بيوم جميل وحياة سعيدة.
“الحب” تلك المفردة الجميلة والسلسة التي تتعارض مع الحرب ولكنهما لا يختلفان بالنتائج كمفردتين لغويتين، فالحب كم نحتاج إليه في حياتنا لنعيش سعداء ونتبادل الأحاديث ونعيش بسلام داخلي وخارجي في زمن قل ما تجد مجتمعات متحابة.
والعجيب في الأمر أن الحب سلاح ذوا حدين أما يخلق تكافلاً اجتماعياً أو يدمر مجتمعات كبيرة مثله مثل الحرب أن استغل بطريقة شيطانية، وكان الحب من طرف واحد او اصغى أحد الشركاء للشيطان والمغرضين وصدق ما يقولونه أو خضع لرغبتهم ليؤدي بعدها إلى خلافات كبيرة تنتهي بالفرقة والتفكك الاجتماعي وضياع الأطفال والأسرة.
فكم دولاً دمرت بسبب تخلي الأخلاء عن الحب لبعضهم، وكم شعوباً شردت وقتلت وكم أنظمة انهارت بسبب صراعات الشركاء وخلافاتهم البينية، فالحب ليس علاقة حميمية وعاطفية فقط بل شراكة اجتماعية وتبادل منافع ومصالح وولاء مطلق لا يشوبه الشك ولا التكهن ولا التوجس والريبة، فهذا الاسم الجميل يكون دائماً بين الرب وعبده، وبين الحاكم وقياداته وشعبه وبين القائد واتباعه وبين مدير الشركة وموظفيه وبين الأب أولاده وبين الزوجة وزوجها وبين الصديق وصديقته.
إن الإخلاص والتفاني والتفاهم والوفاء والولاء هم العوامل المساعدة للحب لكن الشك والريبة والمكر والخديعة والتخوين وضعف الشخصية لدى أحد الأركان هما العدو الكبير له، فأي مجتمعات تدخل فيها المفردات الأخيرة تتفكك إلى عصابات وأفراد وجماعات وتشوبها العداء والعنف والفوضى والضيع والتشرذم.
لقد هجرنا هذا المبتدأ المرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة الذي تبدأ بها أي علاقة جميلة وتتطور إلى الضم والرفع فترفع به مكانة الأمم ويبنى التكافل الاجتماعي على أسس قوية فيعم السلام والاستقرار الأسري والمجتمعي، وكم نحن اليوم أحوج إليه من أي وقت مضى في ظل التشرذم والتفكك والصراعات والخلافات بين المجتمعات وانتشار الأوبئة والأمراض والمجاعة والجوع في عدد من الدول.
المتابع للتطورات في مختلف الدول يشعر بالقلق لكننا في هذا البلد المبارك نحمد الله كثيراً على أننا بعيدين كل البعد عن هؤلاء المتعطشين للحروب والمجاعات ونعيش في ظل قيادة حكيمة حريصة على سلامة وحياة كل فرد في وطننا الحبيب السعودية، ولذا يجب علينا أن نعزز حبنا لوطننا ونعمل كفريق واحد مع قياداتنا يحذوه التكافل والتكاتف والتعاون والتآزر من أجل البناء والتنمية.
إن المجتمعات المتحابة والمتعاونة اكثر استقراراً وديمومة ونمو وازدهاراً وعلى سبيل المثال التكتلات الغربية كمجتمع واحد، وكذلك التكتل الخليجي الذي انعكس بشكل ايجابي على اقتصاديات بلداننا، ناهيك الحب بين المجتمع السعودي وقيادته والذي كانه له الأثر في تحقيق القفز النوعية وجعل بلادنا في مقدمة الدول الصناعية الكبرى، وهذا إن دل فإنما يدل على العقلية السعودية الناضجة والطموحة.
علينا اليوم أن نتبادل الورد والتهاني ونفرح بهذه النجاحات ونسعد كثيراً ونعمل على إفشاء المحبة والتكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين والالتزام بالقوانين والعمل وفق الرؤية الطموحة 2030 كونها خارطة الطريق لتحقيق مزيداً من الازدهار والاستمرار في اعلى القمة وأخذ العبر من الأخرين.
ولذا يجب أن يحظى بائع الورد بكامل الاحترام بعكس بائع الكلام وزارع الفتن والموتور والمتنمر والمريض أخلاقياً ونفسياً وأن تكرم مهنته كأفضل مهنة وأن نعمل على تشجيع أنتشارها وزرعها في الشوارع وأزقة المدن لتكون مناطقنا مزهرة تبث لنا روائح النسيم في الصباح الجميل وتجعل يومنا سعيداً ومجتمعنا سعيد وحياتنا مثمرة بالحب والمودة والتألف والتكاتف والتعاون لننطلق نحو المستقبل بأمل كبير معاً.