أقلام عربية

اليمن عذراء الجزيرة

تهاني المشيخي (صحيفة صدى العرب)
رغم المعاناة التي تواجه الشعب اليمني والفشل الإداري وانتشار العصابات الإرهابية الدموية على راسهم مليشيا الحوثي وتنظيمي القاعدة وداعش إلا أن كل التقارير الدولية تؤكد أن هذه البلد السعيد لا تزال عذراء بما تحويه من مقومات اقتصادية وتنموية.
“اليمن” الذي تمتلك بحراً كبير وجبال غالبيتها يمكن أن تكون مناجم لمختلف المعادن الثمينة بالإضافة إلى أراضي زراعية خصبة واسعة وثروة سمكية، ناهيك عن أنها بلد مصدر للغاز المسال والنفط تحولت اليوم إلى أرض تصنع الموت وتدفع بأبنائها للمحارق بسبب عصابات المافيا الإيرانية التي سيطرت مؤسسات الدولية وعاثت بالأرض فساداً بين قتل واختطاف وتشريد وتعذيب ونهب للأموال.
لقد كانت اليمن بلداً سعيداً ومستقراً وقبلة للسياح خلال العقود الماضية لكنه ومنذ أن بدأت العصابات الإرهابية أواخر عام 1990 تظهر ونفذت عمليات إرهابية في مأرب لتلحقها العصابات الحوثية الإيرانية في عام 2003 بمحافظة صعدة وتطلق شعارات عنصرية تحولت البلد إلى جحيم واستنزفت العصابات اقتصادها.
فهذا البلد الذي يمتلك تاريخاً ضارباً بجذوره كأقدم وأعرق دولة عربية لها تاريخ حضاري، فهي العروبة وهي الأصالة وهي الدولة التي ذكرت في كل الديانات السماوية والقرآن الكريم وخصصت سورة في القرآن لها “سبأ”، لقد كانت توصف بالدولة الحكيمة نظراً لرجاحة عقل الملكة بلقيس وحكمتها في التعامل مع رسالة النبي سليمان عبر الهدهد.
فالزائر إلى صنعاء والحديدة ومأرب وإب وتعز وعدن وحضرموت يجد أثر الأنبياء وقبورهم شاهدة على حضارة هذه البلد العريق، فهذه المدن التي تتعرض لحرب إرهابية حوثية ربما بالمستقبل القريب تسيل لعاب أصحاب المال والطامحين في تنمية تجارتهم فيها اذا عم السلام والاستقرار .
لقد كانت اليمن من أقدم المدن التجارية وورد ذكر أهميتها في القران من خلال رحلة الشتاء والصيف وبالتالي فإن التحرك الفعلي لإنقاذ اليمن وحضارتها وتاريخها اصبح ضرورة ملحة على المجتمع الدولي وكل الفاعلين.
إن الزائر إلى اليمن يجد عظمة هذه البلد وبساطة وطيبة أهلها المغلوب على أمره بالإضافة إلى المدرجات الزراعية والمدن الخضراء أمثال إب ولحج والمهرة وشبوة وتعز، أما صنعاء القديمة فهي تاريخ لحالها يمكن أن نفرد لها مكانة خاصة لما تتمتع بها من تنوع حضاري وتاريخي.
لقد حول الإرهابيون هذا البلد السعيد إلى بلد للموت وليس للحياة كما كانت توصف ودمروا مظاهرها الجميلة وأثارها التاريخية ومناطقها الصناعية وتسببوا في إفلاس مئات الشركات وسرقت بعضها منها شركات النفط.
وكشفت مبادرة الأموال المنهوبة في اليمن أن هناك نحو 1250 شركة ومؤسسة تجارية وخدمية منهوبة، بينها 250 شركة تعمل من خلالها المليشيا الحوثية للسيطرة على السوق المحلية، وغسل الأموال ودعم شبكات تهريب ومافيا دولية منها 27 شركة منهوبة يسيطر عليها كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبدالسلام فليته لوحده، موضحة أن الحوثي يوظف أموال وشركات المعارضين المسروقة لشراء وتهريب الأسلحة.
وأفصح التقرير عن إسناد زعيم المليشيا الإرهابي عبدالملك الحوثي مهمة تجارة الأسلحة إلى صديقه المقرب صالح مسفر الشاعر أحد أبناء صعدة المعين بوظيفة «الحارس القضائي»، مؤكداً أن الشاعر متخصص في الأسلحة المضادة للدروع مع أنه المطلوب رقم (35) في قائمة التحالف العربي ورُصدت مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، لكنه يعد أحد أبرز القيادات المالية والاقتصادية في المليشيا الإرهابية.
وأمام هذه الإحصائيات الكبيرة وعملية الإفلاس والتطفيش لرجال الأعمال وللرأس مال اليمني فإن هذا البلد العذراء بحاجة إلى تحرك سريع وجاد من المجتمع الدولي خصوصاً في ظل الانهيارات المتواصلة للعملة الوطنية والاقتصاد جراء تلك الممارسات والتي يتوقع خبراء أن تؤدي إلى مجاعة كبيرة وكارثة إنسانية لا تحمد عقباها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى