الأخبار المحلية

الموت قادم فماذا أعددت؟

 

بقلم أ – ساره حسن شديد الثقفي

‏قال تعالى: “قل لكم ميعاد يومٍ لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون”.
أتظنه يخطؤك؟ ورب العالمين قد خصص لكل بشريٍ على هذه الأرض من كافة الأجناس والديانات ميعادٌ يطرق فيه الموت أبوابه، ليحصد روحا انتظرت تلك اللحظة لوقت طويل.
‏لأن الموت هو المحطة الأخيرة التي يقف بها المسلم مودعاً حياته بالدنيا فهل سأل نفسه وعاتبها في خلواته قائلاً ماذا أعددت لساعة الرحيل عن الدنيا بعدما توقف العمل؟
‏يبدأ إعداد المسلم للنهاية عندما ينتبه لكل فعل يقوم به، فيتحول كلًا من عقله وحواسه إلى آلة حاسبة تجمع أحداث يومه في كل مساء، عندما يضع رأسه للنوم ليظهر أمام عيناه الصالح والسيء من أعماله ويبدأ بكتابتها في صحيفته وهنا سيعرف رويداً إن كانت الكفة عنده ترجح للشر أم الخير، وهل لو توفاه الله بهذه الصحيفة سيرزق الجنة أم سيكون مخلدًا بالنار!؟ فحينما تسأل نفسك ماذا أعددت لغدٍ لن تنفتح فيه عيناك للهوات الدنيا، ويسرقك الموت
‏تخيل نفسك ستموت غداً بهذه الصحيفة وسترى إن كنت واثقاً من الجنة أم خائفاً من النار. فاستيقظ من نومك وغفلتك وأبدأ بتصحيح مسارك وزيادة أعمالك الصالحة ، كثير منا تجري به الدنيا ولا يدرك كيف يبدأ نهاره وينتهي، فقد سرقتنا أحداث اليوم ومشاكل جمع القوت، فلا تجد إلا القليل ممن عرف ما أعد لآخرته، ويهتم برفع أعماله الصالحة بكثرة، والبعض يصلي ويصوم ويلتزم بالابتعاد عن الكبائر فقط لظنه أن هذا أفضل ما يعده لقرب ميعاد الموت منه، لكن الحقيقة أن هنالك الكثير من الأعمال رغم صغرها لكنها تشكل بطاقتك الرابحة لضمان الغفران وتسجيل حسنات ترفع من حظك بجنة الرحمن ومنها: عود لسانك على صالح القول من دعاء واستغفار وتسبيح، وأقرن لسانك بغض بصر عينك، إن غض البصر هو الخلق الحسن الذي يزيد حياء المرء، ويخفف سيئاته من حواسك، انتقل ليدك التي عليك أن تعودها على بذل الغالي والرخيص، صدقات لوجه الله الكريم تنفع بها نفسك والمسلمين من ذوي الحاجة والمقربين، فلا تعرف أي صدقة منها قد ترفع عنك عذاب الآخرة وتغفر لك ذنب عظيم، لكن لا تنسى أن لا تعلم يمينك ما زكّت شمالك، وقدمك لا تسير إلا في طريق الجنة والخير فتذهب لمجالس الصالحين وتقتدي بالخليل الذي لا يؤثر بك سلباً، بل يكون الشخص الذي سيذكرك بعد موتك بالدعاء، كلها طرق تعد بها نفسك لملاقاة وجه رب كريم، بعدما تصل لمرحلة ينقطع بها حبل الأعمال ويتوقف نبضك عن الحركة فلا تملك فرصة تغفر بها لنفسك سوى ما مَضى، لذلك حاوِل خلال حياتك أن تقدم من الأعمال الصالحة ما لا ينقطع حتى بعد مماتك، وصدقة جارية يستمر خيرها ليصلك في قبرك، وبذلك انتبه عزيزي المسلم من دنيا تستمر ظلال المتعة فيها بالتضخم، بل وتغطي عواطفنا من بصر وبصيرة، بل وتخلط علينا الحكم بين الحلال والحرام، لأن الشبهات أصبحت بين الناس تُغيب وعيهم، فأنت في زمن اجتمعت فيه المعاصي والاهواء، فسأل رحمة الله بك أن يمنحك البركة بالوقت والعمل والذكر، حتى إذا دقت ساعة الرحيل عن الدنيا كان بداية بشرى لرضا الله عنّا، فأعتبر وأنهى نفسك عن الفحشاء والمنكر ولا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى، وانتبه إن السيل اجتماع النقط، وكذلك رحلة حياتك نحو الدار الآخرة إن هي إلا اجتماع أعمالك في صحيفة سترى النور يوم العرض، يوم لا ينفع مال ولا بنون وتقول يا ليتني قدمت لحياتي، والآن قلب الفرصة لتقدم لحياتك الكثير، فَتعهدَ نفسك كما يعد المهاجر نفسه بالقوت والمال والماء، وانتبه من عثرات الطريق، وابدأ من لحظة قراءة هذه الحروف بقول نية الخير ونية الصلاح على أن تقدم كل يوم منذ اللحظة أية قرآنية واستغفار وتسبيح وصدقة مهما كانت بسيطة، دع أيامك تشبه محفظة البنك التي تضع فيها فتات مالك، لتستثمر للأجر الأكبر ألا وهي الجنة المقصد الأول والأخير، فلم نخلق في هذه الدنيا لنعيش بها فساداً بل لنعمل ونسعى نحو المحطة الأخيرة وديار المستقر الأخير التي تبدأ بالموت فلا تغرنك الدنيا بحلوى تزينت، أو بلباس المكر والإغواء، لتلهيك عن دينك الحق واصنع خطة الإعداد ليوم تلاقي فيه وجه الكريم العزيز.
‏ في زماننا هذا القابض على دينه كالقابض على جمرة، إنه الزمان الذي يختبر المرء في أعز ما يملك وهو ياقوتة قلبه ورسالة الرب له ألا وهو دين الإسلام دين محمد عليه الصلاة والسلام، فانتبهوا لسراب في الطريق يغري أعينكم ويلهب مسامعكم إنها والله فتنة إبليس، فابدأوا منذ اللحظة بالعدة ليوم يأتي فيه الموت فيجد وجوهكم صافية منيرة تنتظر لقاء الله فخراً بصحيفة أعمال، لطالما أعددتها في ظلمات الليل من صيام وقيام وصدقات فعليكم بزاد الآخرة.. واحرصوا على اقتنائه كما تحرصوا على زاد الدنيا.. فإن زاد الآخرة هو الزاد الباقي، وصاحبه هو الغني حقا، ولتستعدوا لحفرة لا ينير ظلمتها إلا صالح الأعمال! فإن اللقاء قريب، والحساب طويل! ويومها سيعرف الفائز من الخاسر، فتزودوا قبل أن تكونوا من النادمين! وبادروا بالصالحات قبل أن تصبحوا من الخاسرين! فاللهم ثبت قلوب المسلمين على دينك، هذه نصيحة ناشئة أيقظها الإيمان برسالة حب في الله لكم، عسى أن نكون فيه من الواعظين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى