العنف الأسرى
تهاني المشيخي (صحيفة صدى العرب)
تعتبر ظاهرة العنف الاسري من الظواهر الغير إنسانية التي تلجئ إليها الأسر الجاهلة والضعيفة وهذا النوع من العنف اما يمارس ضد المرأة او الطفل أو المسنين.
أن ازدياد انتشاره أصبح أمراً مثيراً للدهشة على مستوى العالم كونه يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع وتكوينه، وذلك لأن ظاهرة العنف تعتبر مشكلة كبيرة ودال على عجز العلم والإنسان عن تقديم فهم واقعي سليم للسلوك الانساني، إضافة إلى أنه يعتبر مشكلة مرضية اجتماعية كونها مظهراً لسلوك منحرف لدى الفرد.
وترجع أسباب العنف إلى شخصية القائم بالعنف كأن يكون لديه خلل في الشخصية بمعاناته من اضطرابات نفسية او تعاطي مواد مزبلة للعقل، أو يكون لديه مرض عقلي وربما تتمثل في الظروف الاجتماعية الاقتصادية، مثل الفقر أو الدخل الضعيف الذي لا يكفي المتطلبات الأسرية أو حالة المسكن أو المنطقة التي يعيش فيها أو نمط الحياة الأسرية بشكل عام. إن كثرة المشاحنات نتيجة للضغوط،المحيطة أو عدم التوافق الزواجي، كذلك المستوى الثقافي وكيفية قضاء وقت الفراغ، والمستوى العلمي لأفراد الأسرة ونوع المهنة التي يقوم بها القائم بالعنف بالاضافة التأثر بالعنف المنتشر عبر الفضائيات والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فالتغييرات التي تحدث في المجتمع الكبير تنتقل وبشكل غير مباشر إلى المجتمعات الصغيرة.
فالمحافظة على الكيان الأسري أمر مهم، لأن منبع كل فرد أسرته، وهي مدرسته الأولى، فمن المهم أن تكون البيئة الأسرية بيئة صحية مستقرة وصالحة لبناء أفراد واعين مبدعين، تنهج نهج التحاور والتفاهم، وتبتعد عن مظاهر العنف الأسري، الذي يؤدي إلى نتائج سلبية كبيرة تهدد كيان الأسرة.
إن استعمال العنف من طرف الزوج أو الزوجة خطر جسيم يهدد الحياة الزوجية بشكل مباشرا ويؤدي لضياع مستقبل الاطفال، ولذلك فلا بد من تجنب هذه المشكلة من أساسها، فالعنف سلوك غير مقبول وغير مبرر.
فاللجوء إلى العنف والسب والشتم والضرب، وهي أمور تزيد المشكلة اشتعالا، وقد تُحدث شرخا لا ينجبر في العلاقة الزوجية أو في العلاقة مع الأبناء، وقد تكون المشكلة في بدايتها صغيرة يمكن علاجها بسهولة جدا، ولكن التعامل العنيف معها يحولها إلى مشكلة كبيرة يصعب علاجها.
قد بينت بعض الدراسات أن الأطفال الذين شاهدوا آباءهم يضربون بعضهم قاموا بممارسة العنف بدرجة أعلى من الأطفال الذين لم يشاهدوا آباءهم يفعلون ذلك، وقد ينعكس هذا السلوك على الأطفال حينما يكبرون ويتزوجون فيتعاملون مع زوجاتهم وأولادهم بمنطق العنف الذي اكتسبوه من المنزل في فترة النشوء، وقد يكون عندهم ميل للاضطهاد وممارسة العنف ضد الآخرين، فيرتكبون الجرائم، ويهددون سلامة الأفراد والمجتمع.
وبحسب الدراسات فإن التصدي لهذا النوع من العنف يتم عبر تكوين مؤسسات تهتم بشؤون الأسرة توفر أماكن للمعنفين الذين لا يقبل أهاليهم الرجوع إليهم ويكون بهذه المؤسسات أخصائيون اجتماعيون وأخصائيون نفسيون قادرون على العلاج النفسي وقانونيون للعمل على توضيح الحقوق القانونية للمعنفين والدفاع عنهم كذلك يكون لهذه المؤسسات فروع مكاتب للإرشاد والتوجيه في مجال الأسرة وتعمل على نشر الوعي بين الأهالي لأهمية استقرار الأسرة والحد تدريجيا من استخدام العقاب البدني للأطفال ومحاولة الوصول إلى طرق أخرى للعقاب بدلا من الضرب كالحرمان من الأشياء المرغوبة للطفل على ألا تكون من الأشياء الأساسية ومنع الأطفال من مشاهدة العنف المعروض في الشاشات والإقلال عن الضغوط التي تقع على عاتق الفرد والأسرة والتي تخلق الكثير من الخلافات داخل الأسرة وتوافر رعاية صحية أسرية لافراد المجتمع ونشر الوعي بين أفراد المجتمع من العمل على تزويد الأفراد بمعلومات كافية وصحيحة حول مدى انتشار العنف الأسري ودوافعه وسبل التعامل الفعال مع مرتكبيه، ونشر الوعي بين الناس بكيفية تحكم الفرد في دفعاته العنيفة وكيفية تجنبه الوقوع في تصرفات تتسم بالعنف.
.