“الحربي”: على دول الخليج إعادة النظر في معايير تصميم مشروعات درء أخطار السيول والأودية
أكد الدكتور رائد بن سعد الحربي أستاذ مساعد بجامعة الملك سعود أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج، تواجه كغيرها من دول العالم، تحديات جسيمة ناتجة عن تغيرات المناخ، وتحديدًا فيما يتعلق بتقلبات أنماط هطول الأمطار، مما يُهدد بحدوث سيول كارثية تُؤدي إلى خسائر في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.
وتفصيلاً، أوضح “الحربي أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج شهدت خلال السنتين الأخيرتين عواصف مطرية استثنائية تسببت في سيول كارثية، مثل عاصفة جدة في 24 نوفمبر 2022 وعاصفة دبي في 16 إبريل 2024.
وأضاف: كانت عاصفة جدة التي وقعت في 24 نوفمبر 2022، حدثًا استثنائيًا بكل المقاييس، حيث بلغت كمية الأمطار التي هطلت خلال هذه العاصفة 185 ملم، وأظهرت دراسة علمية بعنوان “تحليل الشامل للحالة المطرية المتطرفة لمدينة جدة وتحليل تذبذب الهاطل المطري على محافظة جدة” أن الأمطار التي شهدتها مدينة جدة كانت بمستوى لم يتم تسجيله في المنطقة منذ بداية توثيق الرصد المطري في جدة بداية من عام 1960 ميلادي.
وتابع: تسببت كميات الأمطار الغزيرة والسيول التي نتجت عنها، والتي تقدر بنحو 130 مليون متر مكعب، في حدوث فيضانات وأضرار واسعة النطاق في المنطقة، بالإضافة إلى زيادة في تطرف الحالات المطرية الشاذة على محافظة جدة. هذا يشير إلى أهمية تحسين الاستعدادات واتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة مثل هذه الظواهر المناخية المتطرفة في المستقبل.
وشهدت دبي عاصفةً استثنائيةً أيضًا، حيث حطمت أرقامًا قياسية لم تشهدها البلاد منذ ما يقرب من 75 سنة، حيث بلغ معدل هطول الأمطار خلال هذه العاصفة 254.8 ملم في أقل من 24 ساعة. هذه الأحداث الطارئة تسلط الضوء على عدم القدرة على التنبؤ بدقة بتلك الظواهر الجوية في المنطقة، مما يبرز الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير استباقية لمواجهة مثل هذه الأحداث المناخية القوية والمتطرفة.
وأردف: تسلط هذه الأحداث الطارئة الضوء على عدم القدرة على التنبؤ بدقة بتلك الظواهر الجوية في المنطقة، مما يبرز الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير استباقية لمواجهة مثل هذه الأحداث المناخية القوية والمتطرفة.
وقال “الحربي” إن أحد الجوانب الحاسمة للتكيف مع أنماط هطول الأمطار المتغيرة هو إدارة الجريان السطحي (السيول). تتضمن الإدارة الفعالة لمياه السيول إعادة تقييم اختيار الفترات التكرارية المناسبة لتصاميم البنية التحتية لمشروعات درء أخطار السيول والأمطار وتحديد مجاري الأودية والشعاب.
وأوضح أنه تم تصميم العديد من أنظمة درء أخطار السيول والأمطار الحالية بناءً على الأحداث النادرة التي تحدث مرة كل 100 عام، والتي عادةً ما تستنبط من معادلات إحصائية مبنية على السجلات المطرية المرصودة والمتوفرة من المحطات الرصد المطرية. ومع ذلك، فإن زيادة تكرار وشدة الحالات المطرية المتطرفة تستدعي إعادة تقييم اختيار تلك فترة، حيث إن ما نشهده الآن من كميات مطرية غير مسبوقة لم يسبق له الرصد بالسجلات المطرية.
وأكمل : تبرز أهمية تحديد مجاري الأودية والشعاب في تحديد المناطق المعرضة لسيول والحد من التطوير في المناطق عالية الخطورة وحماية البنية التحتية وتسهيل عمليات الإنقاذ والإغاثة.
وبيّن أن معايير تحديد مجاري الأودية والشعاب في الماضي كانت تعتمد على عواصف مطرية تحدث مرة كل 100 عام، ولكن مع ازدياد وتيرة وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، أصبحت هذه المعايير غير كافية لمواجهة أخطار السيول في الوقت الحاضر.
واختتم بالقول : يُعد تحديث معايير تصميم مشروعات درء أخطار السيول وتحديد مجاري الأودية والشعاب خطوةً ضروريةً لتعزيز قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على الصمود في مواجهة أخطار السيول في ظل التغيرات المناخية، وذلك من خلال التعاون والتخطيط الجيد والاستثمار في البنية التحتية، وبالتالي يمكن تحقيق التطلعات نحو مجتمعات أكثر أمانًا واستدامةً في المستقبل.