التعصب الرياضي إلى متى؟!
الكاتب / سلمان بن محمد العُمري
بينما كان الأخوان أوالصديقان يتجادلان على الكرة بعد نهاية المباراة ثم القطيعة بينهما، كان لاعبان من فريقيهما بعد المباراة يجددان موعد اللقاء المعتاد بينهما في الاستراحة التي تضم مجموعة من لاعبي الفريقين وأندية أخرى.
تنافسهما داخل الملعب وربما رأيتهما يتجادلان ويتشاكسان ويتلاحمان بصلابة لكسب الكرة ومحاولة السيطرة عليها والفوز،وبعد نهاية المباراة ينتهي الأمر،ولكن للأسف من يشاهدون المباراة سواء في الملعب أو عبر شاشات التلفاز تجد حماسهم يطغى على اللاعبين وربما استمرّ تفاعله مع المباراة أشهراً عديدة، وقبلها تكون شغله الشاغل في البيت والعمل والمدرسة وتستأثر بأحاديثه ورسائل الجوال،وتجده يتابع كل صغيرة وكبيرة في البرامج الرياضية ومواقع التواصل التي تذكي التعصب ولا تنمي الوعي والثقافة الرياضية مع الأسف.
إن التعصب الأعمى لأي أمر من الأمور يغطي عين العقل، فيجعله لايرى،ولايفكر إلا في اتجاه واحد،وهو الانتصار للرأي المتعصب إليه مهما كان، وقد يصل المرء إلى حالة قريبة من الجنون،وفقدان العقل!!
والتعصب الرياضي من الأمور التي تفشت لدى البعض،مع أن المفترض أن تكون الرياضة من أهم أسباب معالجة التعصب؛لأن الرياضة الحقيقية مبناها على التنافس الذي يقصد منه التآلف، وتقوية الجسم؛لأن العقل السليم في الجسم السليم، وترويض النفس على التحكم في الأعصاب في حالة الفوز، والخسارة؛فالرياضي الحقيقي هو الذي لايبالغ في الفرح في حالة الفوز،ولايشمت بالمنافس،وبالمقابل يتقبل الخسارة،ويهنئ الفائز،ويعمل، ويجتهد ليفوز في المستقبل؛ لأن الرياضة فوز وخسارة إذا فاز فريقه اليوم فقد يخسر غداً.
وإذا نظرنا إلى حالة الرياضة في بلادنا العربية بعامة-وفي المملكة بخاصة-وجدناها على النقيض مما ينبغي أن تكون عليه أخلاق الرياضة،وصفات الفرسان،فقد أصبح مجال الرياضة-وبخاصة كرة القدم – أكبر مجال لأسوأ أنواع التعصب،وإثارة البغضاء، والشحناء،ونشر العداوة بين الأصدقاء،والأقارب،وقد وصل التعصب المقيت إلى مستويات خطيرة جداً تهدد تماسك المجتمع،ووحدة الأسرة،كما أنه بلغ إلى حد القذف الشخصي،والاتهام بكبائر الأمور،كالرشوة، والمحسوبية،واستخدام النفوذ،والطعن في ذوات الأشخاص،والنيل من الذمة، والمصداقية،والاتهام بالكذب والخيانة.
فصار من المعتاد أن نرى حالات من الطلاق،وعداوة بين الإخوة،وتنافراً بين الأشقاء، وخصومة بين الأصدقاء بسبب التعصب الرياضي، وهناك حالات كثيرة أحيلت إلى القضاء الشرعي،وسمعنا في المدرجات هتافات عنصرية وبذاءات لفظية،أقل ما يقال فيها إنها تدعو إلى العصبية الجاهلية،وتطعن في المواطنة والانتماء إلى الوطن، مما يترتب عليه من أمور خطيرة جداً،تتجاوز حدود الرياضة،وحدود ما يمكن التغاضي عنه تحت أي ذريعة من الذرائع.
ومع الأسف الشديد،فإن هذا التعصب المقيت ساهم في تأجيج ناره،ونشر آثاره بعض وسائل الإعلام،وبعض ممن دخل المجال الإعلامي يحتاجون إلى توعية وتوجيه مستمر،وربما محاسبة على إذكائهم نار التعصب في المجتمع.
والإعلامي العقلاني يؤمل منه نشر الوعي بين شباب الوطن،وتحذيرهم من الآثار الوخيمة للتعصب المقيت.
ولاشك أن هذه الظاهرة الآخذة في الازدياد والانتشار تستدعي من الغيورين على سلامة هذه البلاد المباركة، وعلى أمنها الاجتماعي، ووحدتها الوطنية،أن يدقوا جرس الخطر،وأن يبادروا إلى العمل الجاد على الحد من ظاهرة التعصب الرياضي، وإيجاد الحلول الناجعة المنصفة للجميع.
______________
alomari [email protected]
_____________
سلمان العُمري