الأخبار المحلية

الاحتيال في منصات التواصل الاجتماعي .. طرق متنوعة وضحايا جدد

إن كان يبدو أروع من أن يكون حقيقة، فربما ليس حقيقيا، كما تقول المقولة القديمة. وكذلك ثبتت صحتها في الأيام الأخيرة من عطلتي الصيفية عندما بدأت، بعد عشاء ماتع وفي لحظة ضعف، أقلب إنستجرام على هاتفي بذهن شارد.
من بين مقاطع أشخاص يسقطون من ألواح ركوب الأمواج أو نمور تقاتل تماسيح التي قررت خوارزمية إنستجرام أني أستمتع بها، ظهر إعلان تنزيلات تصفية في بول سميث. اشتريت ذات مرة معطفا واقيا من المطر عبر الإنترنت من عروض بول سميث ومنذئذ، ظهرت إعلانات العلامة التجارية بانتظام في موجز إنستجرام.
لكن لم يقدم أي منها التخفيض الذي كنت أراه لحظتها – تخفيض 80 في المائة على كل شيء في المتجر. سرعان ما بدأت ملء عربة التسوق بقمصان وجوارب وقبعة مريبة وحتى حقيبة لبدلة، وأخبرت عائلتي بحماس أني عثرت على صفقة القرن.
“يبدو كاحتيال”، كما قال ابني، وهو يطل من فوق كتفي وأنا أضع أربع ربطات عنق مبهرجة في العربة. أريته الموقع، يائسا بصمت من تهكمه الشبابي، والتفاصيل في كل صفحة – كان من الواضح أنه مرخص! وقد أرسلني له إعلان على إنستجرام. لذلك كان لا بد أن يكون موقع بول سميث.
غير أنه بالطبع لم يكن كذلك، إذ اكتشفت بعد دقائق من إكمال طلبي عندما وصلت رسالة بريد إلكتروني بإنجليزية سيئة الكتابة من عنوان غريب إلى صندوقي الوارد تؤكد الشراء. كنت قد خدعت وفعل بي ما قد فعل. أجريت بعدها اتصال قلق بالبنك الذي أتعامل معه، وأنا أشعر بالعار بسبب الوقوع ضحية للخداع وسخرية قاسية من عائلتي. وقعت علي سخرياتهم بوطأة أكبر لأني أشغل وظيفة جديدة للإشراف على المخرجات الرقمية لـ”فاينانشيال تايمز”، التي حرصوا على التشديد عليها.
اتضح أن إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي، في المملكة المتحدة على الأقل، تنتهك بانتظام القواعد التي وضعتها هيئة معايير الإعلان، وهي الجهة التنظيمية المستقلة للإعلانات في المملكة المتحدة، على الإعلانات التي تقدم ادعاءات مضللة. تشتد الصرامة حول الإعلانات التلفزيونية، إذ يمكن إحالة محطات البث في المملكة المتحدة إلى الهيئة المنظمة لوسائل الإعلام أوفكوم، وتسحب تراخيصها في النهاية ما لم تطبق قواعد هيئة معايير الإعلان على معلنيها. لهذا السبب من غير المحتمل أن ترى إعلانا مزيفا أثناء دراما “شارع التتويج” لمتجر مزيف يبيع جوارب مخططة.
لدى هيئة معايير الإعلان أدوات أقل لإجبار شركات التواصل الاجتماعي على الامتثال لقواعدها. لقد أمضت الأعوام الأخيرة وقتا أطول في ضمان إفصاح المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتم فيه الدفع لهم مقابل الترويج لمنتجات بدلا من تضييق الخناق على الاحتيال الصريح. مع ذلك، تحظر قواعدها بوضوح الإعلانات المضللة. ينص البند 3.1 من قانون هيئة معايير الإعلان على أنه “يجب ألا تكون الاتصالات التسويقية مضللة ماديا أو يحتمل أن تكون كذلك”.
الشركة المالكة لإنستجرام، “ميتا”، تنفي أنها تسمح بإعلانات احتيالية على منصاتها، وهو، بناء على تجربتي، أمر غير صحيح بوضوح. على إنستجرام، تخضع جميع الإعلانات لنظام مراجعة، “يعتمد على مراجعة آلية، وفي بعض الحالات مراجعة يدوية، للتحقق من الإعلانات”، كما أخبرتني متحدثة رسمية. وتضيف أن “هذه قضية على مستوى الصناعة (…)يجد المحتالون باستمرار طرائق جديدة لخداع الناس، وهذا هو السبب في أن أنظمتنا ليست مثالية دائما”.
هذا أقل ما يقال. بعد أيام من الوقوع في عملية احتيال بول سميث، عرضت علي إعلانات مزيفة أخرى، مع نظارات راي بان الشمسية التي تحظى بشعبية خاصة. وجد أحد الزملاء إعلانا مقنعا جدا لأغراض المطبخ بأسعار مخفضة في ويلكو – مقنع لأنه روج لتنزيلات تصفية في سلسلة متاجر التجزئة التي تواجه إفلاسا في الحياة الواقعية. على الأقل المحتالون يواكبون أجندة الأخبار.
لا بد أن الإعلانات هذه تنجح مع المحتالين، أو لمَ سينفقون أموالا على إنستجرام؟ تزال المنتجات المقلدة على الفور بمجرد اكتشافها، لكن يبدو أن الأنظمة الآلية للشركة لا ترقى إلى مستوى المهمة، بناء على الرقم الذي وجدته.
من المتوقع أن يحقق إنستجرام هذا العام أكثر من 40 في المائة من إيرادات إعلانات “ميتا”، التي بلغت 113.6 مليار دولار في 2022. من غير الواضح مقدار ما هو احتيالي من هذا، لكن من غير الواضح أيضا إلى متى يمكن للشركة الاستمرار في الاختباء وراء الادعاءات بأنها تبذل كل ما في وسعها لإزالة الإعلانات الاحتيالية.
ربما ستدبر شركات وسائل التواصل الاجتماعي أمرها عندما يكشر المنظمون عن أنيابهم أخيرا. حتى ذلك الحين، كن حذرا من إعلانات الأسعار المذهلة لنظارات شمسية أو حقائب بدلات أو آلات الطبخ. إذا بدا الإعلان أروع من أن يكون حقيقة، فعندئذ.. أنت تعرف الباقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى