إستنزاف الجيوب
د.عبدالعزيز بن حمود المشيقح
شرع الله شهر رمضان للصيام والقيام، والإمساك عن الشراب والطعام،وليس هذا هو الصيام ، بل الصيام كذلك صيام الجوارح عما حرم الله؛ ليعظم الله في النفوس، وليشعر المسلمون بما يعاني منه الفقراء؛ فيبذلوا لهم الخير والمعاريف،ولكن هناك شريحة جعلت شهر رمضان المبارك شهر استهلاك وإسراف واستنزاف للجيوب إن في المآكل، أو المشارب،أو في كماليات ما أنزل الله بها من سلطان.
بل ربما فات على البعض عشر رمضان الأخيرة الفاضلة، فتنقلب إلى أيام تسوّق لأسرنا، بحثا عن مستلزمات وتجهيزات العيد،قد تتجاوز مدخرات الأسرة المقتدرة، وقد ترهق كاهل العائل ذي الدخل المحدود!
نعم لقد حث الله-سبحانه وتعالى-على التمتع بالطيبات التي وهبها للإنسان فقال عز وجل:“كلوا من طيبات ما رزقناكم”ولكنه قيد ذلك في آية أخرى فقال عز وجل:(ولا تسرفوا)،وقال تعالى:(إنه لا يحب المسرفين)،وقال تعالى: (ولا تبذر تبذيرًا).
فالاستهلاك أحد مكونات الدخل القومي لأي بلد،كما أنه أحد مؤشرات الرفاهية في المجتمع.
لكن الواقع المشاهد من بعض الأسر في مجتمعنا السعودي أخلت بالموازنة المعتدلة بين الاستهلاك والادخار !
فلماذا يقوم فئام من الأسر بالاستثمار الفاحش وغير الضروري أصلا؟ ما هو الدافع لذلك؟
والجواب لا يخرج عن كونه تفاخرا ومحاكاة للآخرين، واستنزاف جيوب الرجال بمتطلبات مستحدثة هي للتبذير والإسراف المحظور أقرب.
والاستهلاك في حد ذاته ليس مذموماً،ولكن المذموم فيه هو الإسراف والتبذير فيه من الناحية الشرعية والاقتصادية.
إن المباهاة والترف وتقليد الآخر سلوكيات استهلاكية سلبية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي،فلنحذر من مغبتها مستقبلاً.
فكم من مجتمعات مجاورة ترزح تحت وطأة الفقر والجوع والعيش في مخيمات تفتقد لأبسط الحقوق ومقومات الحياة؛مقابل ما تتجاوزه بعض الأسر عندنا في الاستهلاك والرفاهية
فمن باب النصح أقول:رفقاً وإخوتي و أخواتي الفضليات خاصة بمدخراتكن ومدخرات أزواجكن من الاستنزاف في الكماليات، والحذر من البذخ في مناسبات هامة وغير هامة،وقد تكون ليست بالضرورة بمكان.
ولا تجعلن ليالي وأيام العشر الفاضلة تمضي في الأسواق حتى لا يقال لكن جبر الله مصيبتكن في رمضان.
واشكروا الله واحمدوه على النعم ، فإنها إذا شكرت قرّت وإذا كفرت فرّت، هدانا الله وإياكم للخير، وأبعدنا عن مزالق الشيطان.